“مفيدة وتوحيدة” قصة شقيقتين إحداهما أول محامية عربية والأخرى أول طبيبة معينة
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لعلك تنظر باستعلاء للنساء اللواتي تمررن أمامك وأنت تجلس في هذا المقهى تحتسي كوبًا من الشاي وفي يدك ليّ النارجيلة، وفي اليد الأخرى تحمل إحدى قطع الدومينو، ترتسم فوق شفتيك ابتسامة ساخرة، وتخبر نفسك والجميع بأنهن ناقصات عقل ودين.
قرب أذنك مني، لن أقول توووووووووووت لا تخاف، فقط دعني أهمس لك فيها عن ناقصات العقل.
رحلة مثابرة وإصرار وكفاح لفتاتين من حي الدرب الأحمر، نشأتا في عائلة تميزت فيها البنات بتعليمهن الراقي، كانتا توحيدة ومفيدة عبد الرحمن.
دعنا نبدأ بكتاب “الدكتورة، لما كانت مصر….مصر“….
الكتاب سيرة ذاتية يقص لنا بها مؤمن المحمدي قصة حياة وكفاح وإصرار ومثابرة أول طبيبة في الحكومة المصرية، توحيدة عبد الرحمن، والذي برغم كونه ينقصه الكثير من التفاصيل إلا أنه توثيق وتسجيل لسيرة الدكتورة والمحطات المهمة في حياتها الأسرية والعلمية والمهنية.
ولدت الدكتورة توحيدة في 30 نوفمبر من عام 1906، وتلقت تعليمها في مدرسة السنية والتي تعتبر أول مدرسة حكومية للبنات، وقد أنشأها الخديوي إسماعيل في ذلك الوقت، وفي عهد الملك فؤاد الأول تم إيفادها لدراسة الطب في بريطانيا في بعثة “كتشنر”، والتي اشترطت العمل هناك لمدة 10 أعوام بدون إجازات، ثم بعد عودتها عام 1932 أشترى لها والدها – خطاط المصاحف والذي شجعها على السفر – عيادة، ولكنها رفضت العمل بها وفضّلت العمل ومعالجة المرضى بالمجان بمستشفى كتشنر الخيري (مستشفى شبرا العام الآن).
ثم تزوجت من وكيل النيابة محمود عبد اللطيف، الذي كان يدعم نجاحها إلى أن وصلت لمنصب كبيرة طبيبات وزارة المعارف، واستقالت منها عام 1954، وتوفيت في عام 1974، بعد وفاة زوجها بعامين، وقد أطلق اسم دكتورة توحيدة عبد الرحمن على شارع بمنطقة روكسي في مصر الجديدة عرفانًا لما قدمته لمصر باحتفالية محافظة القاهره في 26 يوليو عام 2018.
توووووووووووووت، أعتذر لأنني قد خرقت طبلة أذنك، فأنا ناقصة عقل كما تخبر الجميع عني، الآن هات أذنك الأخرى، كلا لن أقول توووووووووووت هذه المرة أقسم لك، دعني فقط أخبرك عن شقيقة الدكتورة توحيدة، الأستاذة المحامية مفيدة عبد الرحمن التي احتفى بها جوجل في يناير 2020.
أم لـ 9 أبناء، سلكت دربًا وخاضت مجالًا لم تسبقها إليها أية نساء مصريات وشرقيات، وحققت نجاحًا باهرًا دون أن يؤثر ذلك على حياتها الإجتماعية، فكانت أول امرأة تمارس مهنة المحاماة في القاهرة، وأول محامية ترفع دعاوى أمام محكمة النقض في مصر، وأول امرأة ترفع دعوى أمام محكمة عسكرية وكانت حامل بطفل.
حققت مفيدة نجاحًا مدويًا وصل لأن العملاء كانوا يطلبونها بالاسم قبل أن تؤسس مكتبها، وحققت شهرة كبيرة بعد أول قضية تولتها وترافعت بها وكانت قضية “قتل غير متعمد”، إذ استطاعت الفوز بالقضية وتمت تبرئة موكلها، كما عملت في الخمسينيات محامية دفاع في محاكمات سياسية تتعلق بمجموعة متهمة بالتآمر على الدولة، وترافعت في أكثر من 400 قضية، وفي عام 1959 أصبحت عضوا في البرلمان عن حي الغورية والإزبكية، وكانت نائبة نشطة لمدة سبعة عشر عامًا على التوالي، وقد ولدت مفيدة عبد الرحمن في 20 يناير عام 1914 ورحلت في 3 سبتمبر عام 2002.
الآن دعني أنظر في عينيك، كلا…لن أقول لك توووووت فيهما بالطبع، فقط سوف أسألك سؤالًا أرجو منك أن تجيب عليه، هذا إن وجدت إجابة:
أنت يا من تهلل ليل نهار لمن يردد أن المرأة عورة ناقصة مكانها السرير والمطبخ والنقص الفكري متأصل فيك، يا من تصفهن بالعاطفيات وأنت مهووس عاطفيًا وجنسيًا تُثار لمجرد تبسّم دُمية لك، تقول عنهن ضعيفات وأنت هزيل متزمت، تخبرهن بأنهن فتنة وأنت بلا خُلق، يا أيها الشرقي المخصي الفكر للأبد، قُل لي بربّك، ماذا فعلت، وماذا للبشرية قدمت ؟؟!!
اقرأ أيضًا
مبروكة خفاجي .. قهرها زوجها ولكنها لم تلقي بابنها في الترعة فصار أول نقيب للأطباء
الكاتب
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال