موسيقار الأجيال (11) محمد أفندي عبد الوهاب وفن المونولوج
-
أحمد كريم
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
أهلا بكم أعزائي القراء في الحلقة الحادية عشر من قصة موسيقار الأجيال النابغة محمد أفندي عبد الوهاب وكنا قد انتهينا في الحلقة السابقة حيث نتاج محمد أفندي عبد الوهاب في ميدان قالب الموال خلال السبع سنوات التي رافق فيهم أمير الشعراء أحمد شوقي بك، وكيف طور محمد عبد الوهاب هذا القالب، وجعله فنا مستقلا قائما بذاته وليس مجرد وسيلة تمهيدية لتقديم القوالب المختلفة في الوصلة الغنائية.
اقرأ أيضًا
حلقات سلسلة موسيقار الأجيال
قبل أن ننتقل لنتاج محمد أفندي عبد الوهاب في حقل المونولوج خلال تلك الفترة، نتوقف قليلا مع تعليق دكتور فيكتور سحاب حول مسألة مواويل محمد عبد الوهاب، وفي الواقع أنا أشيد كثيرا بهذا التعليق، لأنه تحليل دقيق للغاية يقف عند كل موال قدمه عبد الوهاب في هذه الفترة وما قدمه بعدها وبرز فيه أهم ملامح التطوير التي أثبتت لعبد الوهاب ابتكارا اختص به دونا عن غيره من كبار الموسيقيين.
يقول الدكتور فيكتور سحاب
إذا كان ارتجال المواويل والليالي فنا قائما بذاته في الموسيقى العربية إلى الآن ضمن الأشكال أو القوالب الغنائية المختلفة، مثله مثل الدور والطقطوقة والمونولوج والموشح، فإن محمد أفندي عبد الوهاب قد استمد منه بأغنياته شكلا مستقلا تطور فيما بعد في فرعين هما:
فرع الموال المستقل: كموال سبع سواقي عام 1933م، وموال في البحر لم فتكم في البر فتوني سنة 1935م.
وفرع الموال الذي يشكل جزءا من بنية أغنية لا تبدأ إجمالا بلحن مرسل وقد توسطت أغنية إجري يا نيل واسبق الأشواق عام 1944م هذين الفرعين.
وبيان ذلك كالآتي:
النصف الأول من هذه الأغنيات يكاد يكون أغنية مستقلة على حدة، والنصف الثاني يكون موقعا.
وقد تضمنت أغنيات كثيرة لعبد الوهاب مواويل في سياقها لعل من أشهرها أصفر من الشؤم، في أغنية يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك سنة 1939م، و ليه تشغل بالك، فبينما تغني مجموعة المنشدات لحنا آخر في أغنية انسى الدنيا سنة 1944م، يسترسل عبد الوهاب في آداءه المرتجل ” قوالة موال”، وقد حفلت أغنيات محمد عبد الوهاب الكبيرة بمواويل متطورة تنوعت أشكالها، فغني في الحبيب المجهول سنة 1944م: مين انت يا شاغل بالي بلا إيقاع ، وكذلك يا حبيبي أنا وياك فصاحبه إيقاع، وفي كليوباترا في ذات العام غنى عبد الوهاب ليلنا خمر كموال موقع، ثم بعدها حول المذهب الذي هو ” يا حبيبي هذه ليلة حبي” إلى موال في مقطع يا ضفاف النيل، ووصل محمد عبد الوهاب إلى إحدى الذرى العالية في موال أنا من ضيع في الأوهام في الجندول سنة 1941م.
كذلك غنى مواويل متطورة في الكرنك 1942م عند : أين يا أطلال جند الغالب أين آمون وصوت الراهب، وبعدها في أنا هيمان ويا طول هيامي صور الماضي ورائي وأمامي، كذلك في طقطوقة حياتي انت ماليش غيرك سنة 1943م عند لو كنت يوم هنيتني معاك ما كانش يصعب عليا وكنت لما أشتاق رؤياك طيفك يخايل عنيا، ومن بعدها انتقل إلى مسار الأغنية، لكن غرامي كان أوهام ما دامش أكتر من أحلام، كذلك في عاشق الروح سنة 1949 عند زي الضحى والليل، وبما فعله عبد الوهاب أطلق قيد الموال فظل إلى الآن متعدد الأشكال والمهام في الأغنية العربية بعدما كان محصورا من قبل عند مهمته البدائية كتمهيد للوصلة الغنائية.
وإلى هنا نكون قد انتهينا من نتاج موسيقار الأجيال في ميدان قالب الموال، ويأتي الآن دور آخر الميادين التي لن تكفي تلك الحلقة لتفصيل القول فيها ألا هو قالب المونولوج، لذلك سنتحدث إجمالا عن نتاج محمد عبد الوهاب خلال فترة السبع سنوات في ميدان قالب المونولوج على ان نفصل القول في الحلقة القادمة إن شاء الله.
نتاج محمد عبد الوهاب في ميدان قالب المونولوج خلال السبع سنوات التي رافق فيها شوقي بك
يتعين علينا في البداية أن نتعرف على ماهية قالب المونولوج، والمونولوج هو قالب غنائي يبنى على ما يشبه قالب الآريا في الموسيقى الأوبرالية الأوروبية، ويعني حديث الشخص مع نفسه لذلك فقالب المونولوج هو قالب مفعم بالمشاعر والأحاسيس يوصل المطرب من خلاله ما يشعر به وما قصده كاتب المونولوج من معاني تمس الوجدان، ويبدأ بمقدمه موسيقية تعبر ضمنا عما في نفس الشاعر من معان ولا يشارك المطرب فيه أحد.
شاع قالب المونولوج في الثلث الأول من القرن العشرين،ولكن له جذور يمكن أن نجملها فيما يلي :
المونولوج هو كلمة يونانية تتألف من لفظين مونو بمعنى واحد ” لأن المطرب يؤديه بمفرده، ولوج بمعنى أداء، فيصبح معناه الاداء الفردي.
اقرأ أيضًا
محمد عبدالوهاب (3) لماذا غضب موسيقار الأجيال من أمير الشعراء
والمونولوج في الغالب يحكي قصة ذات بداية ونهاية ولها مضمون تعبر عنه الكلمات، ويكتب إما باللغة العربية الفصحى أو باللغة العامية، وفيه تتعدد بحور الشعر والإيقاعات الموسيقية ومن أجمل الأمثلة على قالب المونولوج هو مونولوج احبه كثيرا وأسمعه دائما وهو مونولوج العجم عشيران الذي غنته الآنسة أم كلثوم سنة 1931م يا عشرة الماضي الجميل من ألحان المرحوم محمد القصبجي، وقد بدأ ظهور المونولج من خلال المسرح الغنائي في الألحان الفردية التي يؤديها كل من مطرب ومطربة الفرقة المسرحية، وانتقل من المسرح الغنائي إلى التخت ومنه إلى السينما، مع ملاحظة الفرق بين المونولوج الغنائي كأحد القوالب الموسيقية المعروفة والمعني بالحديث في حلقتنا وبين المونولوج الفكاهي الساخر كالمونوجات التي كان يقدمها المرحوم إسماعيل ياسين أو ثلاثي أضواء المسرح.
على أية حال فنتاج موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في ميدان المونولوج الغنائي خلال السبع سنوات التي قضاها برفقة شوقي بك غزير جدا لذلك سنورد المونولوجات الآن إجمالا ثم نشرح في الحلقة القادمة تلك المونولوجات وفكر عبد الوهاب فيها ونشير إلى ما فعله المرحوم محمد القصبجي في ميدان هذا القالب باعتباره المطور الأول له، ومونوجات عبد الوهاب في تلك الفترة كالآتي:
مونولوج اللي يحب الجمال من تأليف أحمد شوقي بك سنة 1927م
مونولوج الصد طال سنة 1927م “غير معروف المؤلف”
مونولوج كتير يا قلبي سنة 1927م من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد
مونولوج عايزك تصد سنة 1927م “غير معروف المؤلف”
مونولوج الليل بدموعه جاني من تأليف أحمد شوقي بك سنة 1927م
مونولوج الليل يطول عليا من تأليف المرحوم أمين عزت الهجين سنة 1927م
مونولوج أهون عليك من تأليف المرحوم محمد يونس القاضي سنة 1928م
مونولوج على غصون البان من تأليف المرحوم أحمد رامي سنة 1928م
مونولوج كلنا نحب القمر من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد سنة 1928م
مونولوج بلبل حيران من تأليف أحمد شوقي بك سنة 1930م
مونولوج بالليل يا روحي أرتل بالانين اسمك من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد سنة 1931م
مونولوج سكتت ليه يا لساني من تأليف المرحوم أحمد رامي سنة 1931م
مونولوج في الجو غيم حجب القمر من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد سنة 1932م
مونولوج في الليل لما خلي من تأليف أحمد شوقي بك سنة 1932م
مونولوج مريت على بيت الحبايب من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد سنة 1932م
مونولوج الهوان وياك معزة من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد أيضا سنة 1932م
وأخيرا مونولوج يا ترى يا نسمة هاتقولي إيه وهو كذلك من تأليف المرحوم أحمد عبد المجيد سنة 1932م
وإلى هنا أعزائي القراء نصل إلى نهاية الحلقة الحادية عشر من قصة موسيقار الأجيال النابغة محمد أفندي عبد الوهاب على أن نكمل في حلقات قادمة ان شاء الله
دمتم في سعادة وسرور.
الكاتب
-
أحمد كريم
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال