الفلسفة في حياتنا
يشوب الفلسفة العديد من الشائعات في مجتمعنا منذ آلاف السنين، فقد يتصورونها بأنها كشيطان رجيم سيخطف الإنسان من أحضان الإيمان إلى براثن الكفر، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فالفلسفة تُعرف بـ “أم العلوم”، وما لا يعرفه الكثيرون أن الإنسان بطبعه كائن متفلسف.
نعني بهذا أن الإنسان يمارس فعل التفلسف منذ نشأته على الأرض، حين فكر في وجوده ثم في باقي الموجودات وإدراك حقيقتها لحبه الفطري للمعرفة، وامتلاكه العقل الذي يدفعه لفعل ذلك، وإذا تخلى الإنسان عن التفكير في هذا سيتساوى مع سائر الموجودات الأدنى منه، بل قد يصير أحيانًا أدنى من الحيوانات.
الفلسفة “أم العلوم”
يرجع السبب في تسمية الفلسفة بـ “أم العلوم” إلى أنها تقوم في الأصل على أساس المعرفة والبحث فيها، فهي نقطة البداية لمعظم العلوم التي ندرسها اليوم من خلال طرحها للأسئلة في كل الأشياء تقريبًا، ولا سيما فيما يتعلق بالحياة والإنسان والوجود، فقد درست كل شيء من الفيزياء والرياضيات إلى الأخلاق والقانون والسياسة بجانب علم النفس وعلم الاجتماع والموضوعات الفلسفية بشكل خاص.
وللفلسفة تعريفات عديدة تفاوتت تبعًا لتطور التاريخي لها منذ نشأتها وحتى آلان، ومن المصعب إيجاد تعريف جامع لها إلا أن الجميع يتفق على أنها العلم الكلي بالعلل والمبادئ الأولى.
فمثلًا فرانسيس بيكون الملقب بـ “أب التجريبية” يعرفها بأنها علم وليد العقل والقوى العاقلة عند الإنسان، وهي تقدم تفسيرًا ومعنى للكون عن طريق الملاحظة والتجربة، وغايتها السيطرة على قوى الطبيعة والتحكم في مواردها لتحقيق سعادة الإنسان.
ويعرفها رينيه ديكارت الفيلسوف الفرنسي، بأنها العلم بالمبادئ الأولى والعلم الكلي الشامل وغايتها تحقيق السعادة، أما أرسطو الملقب بـ “المعلم الأول” فيقول عنها بأنها البحث في الوجود بما هو موجود لكونها تبحث عن العلل الأولى والمبادئ الأولى بشكل مطلق.
أهمية الفلسفة في حياتنا
ووفقًا لموقع “JMU”، فإن دراسة الفلسفة تعود بكم هائل من الفوائد على الإنسان، فيمكن تطبيق ما تعلمه في أي مسعى تقريبًا لأنها تمس العديد من الموضوعات، ويمكن استخدام أساليبها في أي مجال، فهي تساعد الفرد على تعزيز قدراته على حل المشكلات؛ وذلك لأنها تعتمد على التفكير العقلي واستخدام الأدلة المنطقية التي يحتاجها الفرد.
كما أن الاطلاع على وجهات نظر الفلاسفة وآرائهم اتجاه مشاكل الحياة التي كانت تقابلهم، سيساعد على تنمية مهارات القارئ، والارتقاء بقدراته العقلية مما يساعده على حل المشكلات.
تنمي الفلسفة قدراتنا على الاقناع لما تبنيه من صياغات واضحة وحجج جيدة وأمثلة مناسبة، فنتعلم بناء وجهات نظرنا والدفاع عنها وفي الغالب سننجح في إقناع أمامنا بما نقصده.
والتساؤل المستمر الذي يطرح في بال الإنسان المتفلسف تجعله يعي جيدًا حقيقة حياته، ويستوعب ماهية ذاته وما حوله، كما أنها تساعده على تحديد أهدافه في الحياة وكيفية تطويرها مع وضع خطط لتحقيقها.
تُمكن الفلسفة الإنسان من إقامة أبحاث حول مجموعة متنوعة من الموضوعات بمهارة جيدة من خلال تنمية قدرته في الحصول على المعلومات وتنظيمها، فضلًا عن كتابتها بوضوح وفعالية تجعلهم لديهم القدرة على قولها شفهيًا أو كتابتها.
كذلك تؤكد الفلسفة أن ما أوحى به الله للإنسان من حقائق معظمها تتوافق مع مبادئ العقل، كما أنها تسلح الإنسان بقيم يتأسس عليها نمط التفكير الفلسفي، مثل: التسامح، العدالة، الحق والتضامن وغيرها من القيم.
وتعود كل فائدة يحصل عليها الإنسان من وراء دراسته للفلسفة على المجتمع ككل، وذلك لأن رقي أفكار وقدرات الأفراد يؤدي حتمًا لتقدم المجتمع نفسه، فيمكن استغلال نضجهم العقلي هذا في تنظيم شؤون الحياة والتعاون مع بعضهم من أجل تحقيق أهداف المجتمع.
اقرأ أيضًا..
هنري فورد .. فلسفة الصناعة وصناعة الفلسفة