تركيا تحيي ذكرى “انقلاب 15 تموز” بإطلاق قطار الديمقراطية وحلقات الذكر

لا يمر عام منذ انتصار إرادة الشعب على انقلاب الـ 15 من يوليو/ تموز 2016م، دون أن يتذكر الأتراك على اختلاف انتماءاتهم كيف علت أصوات الديمقراطية فوق طلقات البندقية. مثال بطولي ضربه الشعب الذي عانى من عدة انقلابات مؤلمة، قبل أن يدرك قدرته على تغيير مجريات الأمور وإن فرضتها الدبابات. بداية من انقلاب 1960، والذي انتهى بالإطاحة بأول حكومة منتخبة في تاريخ البلاد، ثم إعدام رئيسها عصمت إينونو، وحتى محاولة عناصر من الجيش تابعة لفتح الله غولن إسقاط أردوغان بالقوة قبل سبع سنوات. 

إنجاز شعبي حقيقي يحرص الأتراك على تذكره كل عام في يوم “الديمقراطية والوحدة الوطنية”؛ احتفالًا بالديمقراطية التي دافع عنها معارضو أردوغان قبل أنصاره، ونعيًا لدماء 251 شهيد سقطوا برصاص الانقلابيين وتحت دباباتهم. بداية من الاستيلاء على تلفزيون TRT الرسمي وإذاعة بيانهم، وطوال خمس ساعات، كانت أنظار العالم موجهة نحو أنقرة التي تنجح في حماية إرادتها للمرة الأولى منذ عقود.

الذكرى السابعة لانقلاب 15 تموز تأتي هذا العام بعد انتصار صعب للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على خصمه قائد المعارضة، كمال قيليتشدار أوغلو، بفارق 2.2% في انتخابات القرن. هذا العام يتذكر الأتراك الانقلاب الفاشل بإقامة فعاليات متنوعة؛ تتمثل في ندوات، ومعارض، وإطلاق قطار الديمقراطية من أنقرة، وحتى جلسات الذكر والدعاء للشهداء في المساجد.

 ندوات ومعارض وحلقات ذكر تخليدًا لشهداء انقلاب 15 تموز 

في أولى فعاليات الذكرى السابعة أقامت الرئاسة التركية في ستوكهولم ندوة بعنوان “15 تموز انتصار للديمقراطية في تركيا”؛ في محاولة للتوعية ضد أفكار جماعة فتح الله غولن، النشطة في السويد والتي تصنفها تركيا حركة إرهابية. تستقطب منظمة غولن أنصارها بالعمل من الخارج، وقد تردد اسمها في أكثر من حادثة هزت تركيا؛ آخرها كان ما أشيع حول تدخلها لإزاحة محرم إنجة من الانتخابات الأخيرة، بعد نشر مقطع جنسي له. كما أقام مطار إسطنبول الدولي معرضًا بعنوان “أبطال قرن تركيا”؛ يعرض صورًا لشهداء الانقلاب، ولقطات للاحتجاجات الشعبية التي تصدت له.

اقرأ أيضًا 

الانتخابات التركية ساحة جديدة لصراع القوى العظمى.. روسيا والغرب

أمَّا وزارة الأوقاف التركية فقد قررت تخصيص خطبة الجمعة هذا الأسبوع لمحاربة استغلال الدين والاعتزاز بروح 15 يوليو/ تموز؛ لمحاربة أفكار جماعة غولن الصوفية في أساسها. كما ستقام حلقات لتلاوة القرآن والموالد- قصائد مدح للرسول من الموروث العثماني- على أرواح الشهداء، قبل أداء صلاة الجمعة في جميع مساجد البلاد. ناهيك عن تخصيص الخمس ساعات التي حدثت خلالهم محاولة الانقلاب الفاشلة قبل 7 أعوام لتلاوة “الصلوات”، وهي نوع من الأدعية والابتهالات التي يرددها المؤذن في مناسبات خاصة مثل الأعياد والجمع والجنازات.

في تلك الليلة سيكون أكثر من 90 ألف مسجد في تركيا بأكملها مضاءً ومفتوحًا حتى صلاة الفجر؛ لاستقبال الراغبين في المشاركة في الفعاليات المقامة، ناهيك عن تنظيم زيارات لأهالي الشهداء وقدامى المحاربين. إضافة لحملة توعية من خلال ندوات وعروض، تستهدف 2 مليون طفل وشاب.

إقرأ أيضا

محمد سلّام .. الفعل قَد القول

قطار أبطال القرن ينطلق من أنقرة إلى إسطنبول لمدة شهرين

فيما أعلنت وزارة النقل عن إطلاق قطار الديمقراطية للمرة الخامسة تحت شعار “أبطال القرن في تركيا”؛ إشارة إلى المصطلح الذي أطلقه الرئيس أردوغان نهاية العام الماضي، احتفاءً بدخول الجمهورية قرنها الثاني. لمدة شهرين كاملين سينطلق القطار السريع في محطات ثابتة، بين العاصمتين السياسية والثقافية أنقرة وإسطنبول، ليحمل 60 ألف مواطن مسافة 56 كليومتر. 

في المساجد والمدارس والطرقات وحتى في محطات القطار، بكل الطرق والأشكال يحاول الأتراك إحياء ذكرى انقلاب 15 يوليو/ تموز؛ اعتزازًا بنضال شارك فيه المعارضون والمؤيدون جنبًا إلى جنب لحماية الديمقراطية. بعد عقود من الانقلابات التي راح ضحيتها آلاف السياسيين وأصحاب الرأي، وكلفت البلاد تخلف في شتى المجالات؛ تعلم الأتراك الدرس ووقفوا أمام الدبابات، والآن يحتفلون بمقدار من الوعي لم يمتلكه الشعب من قبل.