رؤساء مصر وكتب تاريخ الأزهر “فوارق بين السيسي وسابقيه تقولها صورة العاصمة الإدارية”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تباينت رؤى رؤساء مصر لكتب تاريخ الأزهر منذ العام 1952 م فخلال السنوات السابقة للعصر الجمهوري كان التاريخ الأزهري متناثر في مقالات صحفية للعامة أما الأعمال الضخمة فكانت في سياق التوثيق التاريخي الصرف والموجه للأزهريين تحديدًا.
السيسي وصورة العاصمة الإدارية .. لقطة جمعت مفارقات تاريخية
نشر السفير بسام راضي صور زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى مدينة الثقافة والفنون في العاصمة الإدارية الجديدة حيث تفقد فيها المكتبة والأوبرا والمسارح وغيرها.
كان من بين الصور الملتقطة للرئيس تصفحه لموسوعة جمهرة أعلام الأزهر في القرنين 14و15 هجري للشيخ أسامة الأزهري مستشار الرئيس للشئون الدينية، وهي من 10 أجزاء وتتكلم عن مشاهير الأزهر في الفترة من عام 1882 م حتى الآن، وبأسفله كتاب طه حسين معلم الأجيال للكاتب لطفي عبدالوهاب.
اقرأ أيضًا
إجابة على سؤال السيسي .. مصر كانت أجمل في العشرينيات لهذه الأسباب
ولعل في تلك الصورة مفارقات قدرية تاريخية من حيث التنوع، وجود كتاب عن طه حسين مع موسوعة أزهرية لأسامة الأزهري، فطه حسين كان على خلاف وعداء مع تراث الأزهر في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، كذلك فإن أسامة الأزهري نفسه صاحب الكتاب الذي تصفحه الرئيس لم يكن متفقًا مع طه حسين.
الأمر الآخر أن كتاب جمهرة أعلام الأزهر في الجزء السادس استثنى اسم طه حسين من قائمة المشاهير لأن الموسوعة لم توثق للأزهريين المعممين بل تكلم عن غيرهم مثل رفاعة الطهطاوي.
فوارق السيسي عن سابقيه
ثمة اختلافات بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورؤساء مصر السابقين في الاهتمام بالكتب التي تخص تاريخ الأزهر.
لعل موسوعة جمهرة أعلام الأزهر هي الأولى من نوعها في عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكن هناك ثمة اختلافات بين السيسي ومن سبقه، أولها أنه لأول مرة يصدر مسؤولاً في الرئاسة عملاً موسوعيًا وتم هذا عام 2019 م عبر أسامة الأزهري.
كذلك فإن كتب تاريخ الأزهر ظهرت لأول مرة في جناح مستقل بمعرض الكتاب خلال عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي وهي سابقة لم تحدث منذ ظهور المعرض في العصر الناصري.
شيء آخر اتسم به عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي مع كتب تاريخ الأزهر، أنه شخصيًا كان على صلة بمن قرأ عنهم من قبل أن يصبح رئيسًا أو حتى يلتحق بالكلية الحربية إذ صرح بأنه كان ملازمًا لدروس الشيخ إسماعيل صادق العدوي وهو إمام للأزهر تكلمت عنه الموسوعة.
كذلك شهد بدايات عهد السيسي اهتمامًا مبكرًا بتاريخ الأزهر حيث جرت محاولة بين مكتبة الإسكندرية والمؤسسة الأزهرية لإطلاق موقع يخص تاريخ الأزهر وهي تجربة كانت ناجحة لكن لم يكتب لها الاستمرار فتم تعويضها في معرض الكتاب إذ تحولت كل ملفات الـ pdf إلى كتب مطبوعة.
إلى كل ما سبق كان عصر السيسي قد شهد طفرة في ملف استعادة المخطوطات الأزهرية العتيقة حيث تم في عام 2018 م استرداد مخطوط المختصر في علم التاريخ للكافيجي والذي فُقد في السبعينيات من القرن الماضي.
ما قبل عصر السيسي .. جمال عبدالناصر والاهتمام من أجل التمرير
كانت العلاقة بين الأزهر والرئيس جمال عبدالناصر تشبه إلى حدٍ كبير صداقة الشتيتين، فناصر برؤيته الاشتراكية ما كان ليتفق مع الأزهر، أما المؤسسة فلم تكن على الود المرجو منه خلال الفترة من عام 1952 حتى العدوان الثلاثي، وأدرك ناصر قوة الأزهر فأراد أن يجعل له طفرة لكن داخل عباءة الدولة.
ومع حلول عام 1961 م صدر قانون تطوير الأزهر والذي لا يزال حتى الآن يثير الجدل بين الأزهريين والناصرين، وبالتزامن مع صدور هذا القانون طُبِع كتاب الأزهر تاريخه وتطوره في 600 صفحة، والكتاب في مجمله كان استعراض عام للتاريخ الأزهري قبل ثورة يوليو واستعراض لما قدمته الثورة للأزهر.
اقرأ أيضًا
شائعات عن جمال عبدالناصر والأزهر .. حين تؤدي ويكيبيديا إلى الكذب
رغم أهمية الكتاب بالنسبة للمبتدئين المهتمين بكافة كتب تاريخ الأزهر إلا أنه في إطار توثيقه كان اهتمامه منصب على مدح النظام بقاعدة أن ما فات خير لكن الثورة هي كل الخير للأزهر.
أنور السادات وكارثة الألفية
كان مقررًا أن يتم الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر عام 1970 م واهتم العالم الإسلامي بتلك المناسبة غير أن وفاة الرئيس جمال عبدالناصر عطلت الاحتفال ثم تم تأجيله لنحو 10 سنوات نتيجة للظروف السياسية التي شهدها عصر الرئيس محمد أنور السادات.
اقرأ أيضًا
بين كاميليا السادات ووالدها .. طلقها زوجها بأمر من أبيها
احتفلت مصر بأول عيد ألفي للأزهر في يناير من العام 1981 م ولم يصدر أي كتاب عن تاريخ الأزهر بشكل موسوعي برعاية أو اهتمام من الدولة، باستثناء بعض المقالات الصحفية في مجلة الأزهر.
مبارك وإيجابية كارثية
شهد العام 1983 اهتمام بكتب تاريخ الأزهر حينما صدر الكتاب التذكاري لألفية الأزهر، وهو يعتبر أول كتاب بإشرافٍ من الدولة.
واتسم عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بوفرةً في الأعمال الموسوعية لتاريخ الأزهر لكن دون اهتمام من الدولة أو رئيسها، فقد كان الاهتمام منصب في المبنى أكثر من المبنى مثل توسعة مبارك للجامع وتشييد مبنى مشيخة الأزهر.
اقرأ أيضًا
صور ووثائق .. لماذا لم يحذف الأزهر اسم حسني مبارك من 2011 حتى الآن
ولم يتوقف الاهتمام بتاريخ الأزهر عند حد الكتب في عصر مبارك لكنه شمل الدراما فصدرت أعمال درامية عن تاريخ الأزهر مثل مسلسل الأزهر منارة الإسلام.
رغم تلك الإيجابية لكن تغلفت بكارثة وهي أن تلك الأعمال كانت محلية ولم تشملها رعاية الدولة التي توصلها إلى حيز العالمية الإسلامية.
ما بعد رحيل مبارك وحتى زوال الإخوان
أخذ الاهتمام بتاريخ الأزهر خلال الفترة من 2011 وحتى 2014 يتقدم لكن بشكلٍ سياسي مع أفول للكتب الموسوعية، فربما العمل الوحيد الضخم عن الأزهر هو وثائقي قناة الجزيرة سنة 2011 م، وفيما عدا ذلك كان تاريخ الأزهر يؤخذ من قبيل النكاية السياسية في رموز الحركة الإسلامية بحكم الاستقطاب السياسي الذي شهدته مصر وقتها.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال