رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
121   مشاهدة  

رواية 67 بين الجنس و نكسة مصر في 1967م

رواية 67
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



مع أنّ رواية 67 كُتبت قبل نحو نصف قرن إلا أن كثيرين يعتبرونها وثيقة مهمة لا في تجربتها الأدبية فقط بل لكونها شاهدة على مرحلة مهمة ما زالت تُثير الجدل والخلاف إلى الآن في مصر والوطن العربي.

أجواء سياسية صاحبت الرواية

يعتبر صُنع الله إبراهيم من الروائيين الذين اتخذوا من الواقعية شكلًا لأعمالهم الأدبية، وقد وَجد في روايته 67 متنفسًا يفصح فيه عما كان في ستينيات القرن الماضي من حيث انسداد الأفق السياسي وما صاحبه من هزيمة كبرى تمثلت في نكسة يوليو 1967م.

وفي تلك الحقبة أعني الستينيات برز عدد كبير من الروائيين والمثقفين المصرين الذين نقلوا الأدب والثقافة نقلة نوعية، لكنهم لم يجدوا الحرية الكافية للتعبير عن واقع مؤسف يتعرض له الوطن، فكان السفر هو الحل الأمثل لبعضهم ومن بينهم “صنع الله” الذي سافر بيروت وكتب فيها هذه الرواية التي نحن بصددها.

بين الجنس ونكسة يوليو

رواية 67 من الروايات التي تبدوا في ظاهرها أقرب إلى الرواية الإيروتك، لكن عند التعمق فيها، وفي دلالتها وفي ظروف كتابتها تجد أنها رواية سياسية قائمة على فضح مؤسسات الدولة الناصرية التي سببت هزيمة يوليو، كما أن الرواية تتسم بالجرأة الشديدة؛ ففيها العديد من الخطوط التي لم يكن من السهل تجاوزها في فترة الستينيات.

في بداية صيف سنة 1968 سافرت بالباخرة إلى بيروت و أقمت ثلاثة أشهر في منزل أحد الأصدقاء، وخلال تلك الفترة كنتُ أعمل على روايتي الثانية، وأطلقت عليها اسم 67.

حبيسة الأدراج 

حملت رواية 67 قدرًا كبيرًا من الجرأة مما جعل دور النشر ترفض طباعتها في ذلك الحين، فالسبب المعلن أن الرواية تحتوي على مشاهد جنسية عدة في وقت تعاني فيها الدولة من أثر الهزيمة، لكن الواقع أنها مُنعت بسبب انتقادها للوضع السياسي الذي أدى إلى هزيمة يوليو 67.

بعد عدة سنوات تلقى “صنع الله إبراهيم” العديد من الدعوات لنشر الرواية تزامنت مع رحيل “عبد الناصر” إلا أنه فضل أن الرواية تظل حبيسة الأدراج بحيث لا يتم استغلالها في معركة تصفية الحسابات السياسية، وكان الظهور الأول للرواية في يوليو 2015م ضمن مجلة عالم الكتاب الصادرة عن الهيئة المصرية للكتاب قبل أن تخرج طبعتها الأولى عام 2017 عن دار الثقافة الجديدة.

قضايا ناقشتها الرواية
ناقشت الرواية قضايا عدة، لعلها تتسق و تتقاطع في نقطة واحدة للإجابة على سؤال واحد .. هو لماذا كانت هزيمة 1967م؟.

تبدأ أحداث الرواية عبر راوٍ يقف موقع الحياد من سرد الأحداث، ويتوافق هذا مع ليلة الاحتفال بالعام الجديد خلال فصولها التي حملت أرقامًا حتى الثالث عشر. تتشابك الأحداث والعلاقات وتتعدد بطريقة تجاوزت أعراف المجتمع المصري، منها علاقة البطل جنسيًا بـ زوجة أخيه وبالطبع هذا لا يحدث كواقع في المجتمع المصري لكن هي رمزية الغربة والاضطراب وغياب المعايير والقيم المعبرة عن واقع المجتمع الّامبالي بعد هزيمة يوليو وما تلاها من أحداث تركت أثرًا على شخصيات الرواية.

رؤية سوداوية 

وحملت الرواية رؤية سوداوية كانت مستحقة وقت الهزيمة، وحملت رمزيات وإشارات كثيرة أكدت تلك السوداوية منها خطاب “عبد الناصر” ولم يسميه “صنع الله” خطاب التنحي بل سماه خطاب سياسي، كما حملت الرواية إشارات دلت على مفهوم الهزيمة الواسع ليست الهزيمة العسكرية ولكن هزيمة ونكسة لكل شيء، كما عبر عن استبدادية السلطة وكيف أوصلت مواطنيها لمثل تلك النقطة.

إقرأ أيضا
صنع الله إبراهيم

في السابعة تجمعنا أمام التلفزيون وعندما أعلن الرئس قراره بالتنحي انفجرت سلوى باكية وتشنجت ميساء وانهار ذكي على مكتبه باسطا ذراعه أمامه دافنا وجه فيها، وهو ينشج وغادرت الجريدة إلى الشارع وكان الظلام ينتشر بسرعه والناس تجري في كل اتجاه وهم يصيحون ويهتفون .. ثم أخذوا يشكلون اتجاها واحدا إلى مصر الجديدة وهم يرددون في جنون اسم ناصر.

الجسد وثقافة المصريون 
كما لمس “صنع الله إبراهيم”  مشكلة تواجه الثقافة المصرية وهي مشكلة ثقافة الجسد الذي يجهل المصريون ماهيتها إلى الحد الذي يصل لاتشوه، وهذا من خلال مشاهد التحرش في المواصلات في ستينيات القرن الماضي رغم الانفتاح التي شهدها المجتمع وتحرر المرأة وغيرها من الأمور، وكأنه كان بصير لما ينتظر المجتمع .

الصحافة والسلطة
ظاهرة أخرى صورها “صنع الله إبراهيم”، وهي أداء الصحافة قبل أعوام قليلة من النكسة، فكما هي الحقبة الناصرية أرجأت مراكز السلطة إلى مؤيديها التي عملت على استيلاب الفكر وكساد الحياة الثقافية وانتشار البيروقراطية ، فرسمها “صنع الله” بصورة غير مباشرة في روايته حتى إن رمزية الصحفي الراوي كانت بمثابة العدسة التي تلتقط الحياة في مصر وتصويرها  ونقلها إلينا.

صنع الله إبراهيم في رواية 67 أراد فقط أن يقول أن تلك الأحداث من خلل العلاقات وكساد مؤسسات الدولة وغياب الحريات هي من صنعت هزيمة 1967.

الكاتب

  • رواية 67 مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان