قصة زواج الخليفة العباسي وبنت ملكشاه “زيجة بائسة وملعونة أشار لها مسلسل الحشاشين”

تناولت الحلقة الخامسة من مسلسل الحشاشين قصة زواج الخليفة العباسي وبنت ملكشاه سلطان الدولة السلجوقية، ذلك الزواج الذي سيساهم في تغيير شكل العلاقة بين العباسيين والسلاجقة لاحقًا.

كيف تناول مسلسل الحشاشين زواج الخليفة العباسي وبنت ملكشاه

أظهرت الحلقة الخامسة الجفاء الذي بين السلطان ملكشاه والخليفة العباسي المقتدي بأمر الله، وتدخل نظام الملك، فملكشاه شاه يقول «أقدر في لحظة أشيله من مكانه»؛ ليهدئه نظام الملك ويقترح عليه الحل وهو المصاهرة بقوله «القضية مالهاش غير حل واحد ولاء السلطان التركي للخليفة العباسي أن تحدث مصاهرة بين مولانا السلطان والخليفة العباسي، يعني أن تتزوج بنت مولاي السلطان ملكشاه بالخليفة العباسي وبكده ابن مولاتي التركي الأم واللغة والهوية والهوى للخليفة العباسي ال29، وجود الخليفة العباسي التركي هيكون بداية لعهد جديد».

اقرأ أيضًا
تترات مسلسلات رمضان (3) : الحشاشين .. محاولة خلط الزيت بالماء

من هذه الجمل الحوارية تتضح الغايات من زواج الخليفة العباسي وبنت ملكشاه السلجوقي، وتلك الجمل تتوافق مع الوقائع التاريخية في العلاقات بين العباسيين والسلاجقة.

اقرأ أيضًا
“صور” ما هو المخطوط الذي ظهر في نهاية الحلقة الثالثة من الحشاشين

تاريخيًا حدثت زيجات متعددة بين السلاجقة والعباسيين، فالسلطان طغرلبك قام بتزوج بنت أخيه أرسلان خاتون من الخليفة العباسي القائم بأمر الله، كذلك فإن طغرلبك تزوج من بنت الخليفة العباسي وكان ذلك حدثًا غير عادي وحاول الخليفة عدم إتمام الزواج لكنه أمام التهديد السلجوقي حدث الزواج وقد قال السيوطي في ذلك «زوج الخليفة بنته لطُغْرُلْبَك بعد أن دافع بكل ممكن وانزعج واستعفى، ثم لان (أبدى ليونة) لذلك برغم منه، وهذا أمر لم ينله أحد من ملوك بني بُوَيْه (دولة كانت تعادي العباسيين، لكن السلاجقة كانوا أقوى منهم) مع قهرهم  للخفاء وتحكمهم فيه».[1]

اقرأ أيضًا
الحاج صاحب الوقت

هذا السعي السلجوقي للزواج كان له أهدافه فهو يوطد العلاقات السياسية بين دولة السلاجقة والخلافة العباسية من جهة، ويضمن بقاء السلاجقة في البلاد الإسلامية بحكم صلة القرابة والمصاهرة من جهة ثانية، ويضمن للعباسيين الاستقرار من جهة ثالثة؛ إذ كانوا أضعف من السلاجقة بمراحل.[2]

ماذا حدث في زواج الخليفة العباسي وبنت ملكشاه

كانت بنت ملكشاه اسمها آلتون خاتون، وليس معروفًا أيهما كان الساعي للآخر هل السلطان السلجوقي أم الخليفة العباسي، لكن الراجح ما ذهبت له زينب فواز في تاريخها حيث قالت أن تركان خان زوجة ملكشاه هي همزة الوصل بسبب كثرة ترددها على حريم الخلافة العباسية ومعها بنتها آلتون خاتون وهي كانت من الجمال على جانب عظيم ووصفوها للمقتدي فأحبها على الوصف وأراد الاقتران بها.[3]

حدث زواج المقتدي بأمر الله الخليفة العباسي وبنت ملكشاه سنة 1081م / 474هـ، ومن الأعاجيب أن المقتدي بأمر الله كان متزوجًا من سفري خاتون عمتها قبلها بـ 10 سنوات لما كان وليًا لعهد الخلافة العباسية وتحديدًا عام 1071م / 464هـ[4]، فهو جمع بين البنت وعمتها في آنٍ واحد.

اقرأ أيضًا
من هو الخليفة العباسي الذي قتلوه وما قصة ظلم الإمام نزار “شرح ثاني برومو من الحشاشين”

بدأت مراسيم الزواج لما أرسل الخليفة وزيره أبو نصر بن جَهِيرٍ لملكشاه، ويحكي بن الأثير في تاريخه السلطان السجلقوي أمر نظام الملك أن يأخذ وزير الخليفة لأم البنت فلما ذهبا لها قالت له إن الملوك في بلاد ما وراء النهر طلبوها وبذلوا 400 ألف دينار فلم أرضى فإن حمل الخليفة هذا المال فهو أحق منهم، وبعد أخذ ورد بينها وبين خديجة أرسلان بنت طغرل بك مؤسس السلاجقة استقر الأمر على أن يدفع 50 ألف دينار.[5]

إقرأ أيضا

“ذكريات المسحراتي في مصر الستينيات” وصل عددهم في القاهرة إلى 4 آلاف

استمر الزواج 8 سنوات وأسفر عن إنجاب آلتون خاتون عن ابنها جعفر والذي كان حفيدًا لملكشاه وكان يريد أن يكون ولي عهد الخلافة العباسية.

اقرأ أيضًا
هل تحدث الصباح والخيام بالفصحى؟.. عن عامية “الحشاشين”

لكن الزيجة انتهت نهاية مأساوية ومعلونة على الجميع فقد انتهت بالفراق وماتت البنت كمدًا وردًا على ذلك انتقم ملك شاه من المقتدي وكان أن يطيح به من الخلافة كلها، ويحكي بن الجوزي في تاريخه أن المقتدي كان يهجر زوجته ويُعْرِضُ عنها، وانتهى الأمر بالفراق بينهما سنة 1089هـ / 482هـ[6]، وبعد أن غادرت منزل زوجها ماتت بالجدري، وقد فسر ملكشاه ذلك بأن بنته ماتت كمدًا فأراد الانتقام من المقتدي وعزم أن يعزله عن الخلافة العباسية بعدها في صفقة سياسية كادت أن تنجح لولا وفاته المفاجئة، وقصة تلك الصفقة السياسية يطول شرحها وواردة في كتب التاريخ المشهورة مثل البداية والنهاية.[7]

[1]  السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق: اللجنة العلمية بمركز دار المنهج للدراسات والتحقيق العلمي، ط/2، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1434هـ / 2013م، ص645.
[2]  زهراء محسن حسن الحسني، الأميرات السلجوقيات ودورهن السياسي والعسكري حتى سنة 500هـ / 1106م، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، الجامعة الإسلامية، النجف، مج5، ع15، 2011م، ص514–517.
[3]  زينب فواز، الدر المنثور في طبقات ربات الخدور، ط/1، المطبعة الأميرية الكبرى في بولاق، 1313هـ /1895م، ص106.
[4]  النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، ط/1، ج26، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 1423هـ / 2002م، ص317.
[5]  بن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ج8، ط/1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1417هـ / 1997م، ص278.
[6]  جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق محمد عبدالقادر عطا ومصطفى عبدالقادر عطا، ج16، ط/1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412هـ / 1992م، ص281.
[7]  بن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، ج16، ط/1، دار هجر للطباعة، القاهرة، 1418هـ / 1997م، ص123.