رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
93   مشاهدة  

هل أراح الإلحاد أرواح معتنقيه المتعبة؟!

الإلحاد
  • - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد



ينشأ المسلم مسلما لأنه تربى في بيئة مسلمة، وكذلك المسيحي واليهودي ينشآن على المسيحية واليهودية، لا أحد يختار دينه لأنه قرأ وبحث وجرب وشاهد واهتدى، وراثة الدين هي الموضوع، يبدأ مع الإنسان منذ ولادته، يأخذه مع الاسم  في وقت واحد.. هذه حقيقة ساطعة، لكنها تبدو كما لو كانت غائبة بعد ذلك؛ لأن الإنسان قد يحاكم أخاه الإنسان في وقت ما: لماذا أنت مسلم؟ لماذا أنت مسيحي أو يهودي؟!

قليل من الناس، مع نضجهم، يتفكرون في مسألة الدين الذي هم عليه: أصحيح أم أنه مفروض بقوة الواقع بصرف النظر عن صحته من عدمها؟!.. يثبت كثيرون منهم على نفس الدين، وآخرون لا يثبتون البتة فإما يغيرونه إلى دين آخر، أو يلحدون، والإلحاد قضيتنا هنا لا تغيير الدين!

الإلحاد، في اللغة، هو الكفر بكل الأديان، وإدخال ما ليس منها فيها، وهو العدول عن الحق (هكذا كما في المعاجم بالضبط).

وفي الفلسفة والتصوف: مذهب من ينكرون الألوهية، ويتضمن رفض أدلة المفكرين على وجود الله.

وفي المصطلح الفقهي: الكفر بجميع الأديان، وعدم الاعتراف بها ولا بوجودها، وإنكار جميع الرسالات.

يغادر الفرد دينه إلى الإلحاد إذا تشكك في الدين تشككا عظيما، مع عدم قبوله للأديان الأخرى، يرى النصوص الشرعية عموما أغلالا، بمنطق الشيخ الملحد عبد الله القصيمي، ذي التجربة الثرية الصادمة، ويرى الأفضل حينئذ أن يتحرر من هذه الأغلال بجملتها، وينطلق في الحياة مؤمنا بنفسه وبقوانين الحياة التي يلمسها بكلتا يديه، لا بأس بالأمر طبعا فهو حر، ولكن السؤال الذي تهمني الإجابة عليه هنا، أو بالأحرى طرحه، بعد اعتناق المؤمن للإلحاد، ترى أيريح الإلحاد روحه المتعبة؟!

الإلحاد
الإلحاد – رسمة تعبيرية

في الواقع، وقد سمعت قصص ملحدين كثيرين، من خلال يوتيوب وغيره، أو جلوسي المباشر مع بعض الأصدقاء الذين لم يعودوا مؤمنين، وبمنتهى الصدق والأمانة، لم أجد أثرا للراحة، بكل معانيها، أثرا في معظم صفحات هؤلاء البشر الذين قصدوا الراحة بالطبع حين تركوا الأديان وفضلوا الإلحاد.. ذلك أن معظمهم فتنهم نمط الإلحاد الذي فروا إليه من نمط الإديان فحملوه ثقيلا لا خفيفا، وهكذا دعوا إليه موقنين بضرورته؛ فاستغرقهم نقض الأديان، وصار تحررهم منها عبثيا بكل معنى الكلمة!!

ههنا لا يفوتني أن أشير إلى تخفي أغلبية الملحدين العرب، خوفا من الملاحقة والعقوبة وجفاء الأهل وفظاظة الخلق وجنون المتشددين الدينيين، وأما من يبرز منهم فمن وجد بلدا بعيدا يضمن له أمانا وافرا، أو مكانا خفيا ببلده نفسه، والمهم أن المتخفين هم عوام الطائفة وأن الفئة البارزة هي طائفة الخواص التي تصنع صوتا قويا مسموعا للملحدين، ومهما قل الأفراد البارزون إلا أنهم صاخبون للغاية ومؤثرون فعلا.. 

ينفق الملحد أكثر عمره في محاولة إقناع المؤمنين بالإلحاد، وكم يخوض حروبا ضارية من أجل ذلك، ترهقه تماما، لا يستمتع بالعيش في سلام بعيدا عن ما كان نفض منه يديه، بل العجيب أن خلفيته الدينية السابقة تظل تتحكم فيه باستمرار؛ فلو كان أصله مسلما هاجم الإسلام بهدوء وهاجم الدينين الآخرين بعنف، كما لو أنه ما يزال مسلما متعصبا لدينه، أو العكس هاجم الإسلام بعنف، ربما ليثبت لنفسه، قبل الآخرين، أنه تخلص منه، وهاجم الدينين الآخرين بمنتهى الرفق..

إقرأ أيضا
موزارت

هكذا الحال، ولم أشعر أنا في يوم من الأيام أن الملحد كيان متخلص من الأديان حقا، بل طالما أعتقد أن الإلحاد ورطه في الدين ورطة أكبر من تلك التي ظن أنه واقع فيها يوم كان ذا دين؛ فلا يزال يحذر الأديان ويحذر منها كأنها الهلاك الوحيد في تصاخب أمواج العالم!

ليت الملحدين، وأؤكد أني أخص العرب فللآخرين بالعالم شؤونهم المختلفة، يحسون بالخلاص فعلا فيتفرغون لممارسة الحياة بمنأى عن المشكلات والعقد، ليتهم ينالون نصيبهم كاملا مما يشتهونه ويرغبون فيه، معاملين واقعهم الخصوصي بطريقة علمية وعقلية يحبذونها مطلقا، ولا يهدرون أوقاتهم في مجادلة خرافات وأباطيل لم يعودوا يسيرون في طرقها بالمرة (هكذا يرون الأديان برمتها!).. فلو فعلوا استراحوا وأراحوا غيرهم من المناظرة والمناكفة السرمديتين، ولكنهم، كما أتصورهم خبيرا بهم، لن يفعلوا؛ لأنهم، ويا للأسف، بنوا من الإلحاد دينا جديدا ذا بال، يرسخ على أطلال الأديان القديمة الراسخة، وقد يلحدون به مستقبلا!!    

الكاتب

  • الإلحاد عبد الرحيم طايع

    - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان