الاطمئنان على صحة الرمز “سيد إمام”
-
عبد الرحيم طايع
- شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة
كاتب نجم جديد
في الشهر المنصرم، كتب الشاعر الكبير صلاح اللقاني على صفحته بالفيسبوك نصا وحرفا: عندما يصطلح الانزلاق الغضروفي مع مشاكل تضخم البروستاتا على جسد نحيل أنهكته السنون والآداب والفنون فأنت الصديق الأديب المترجم الكبير سيد إمام .
نريده متوفرا على مشروعه الثقافي، وتأبى الأقدار إلا إزعاجه، وإقلاق أمنه، واقتحام خلوته. نريد أن نكون بجانبه، وتأبى الأقدار إلا تعويقنا، وتكديرنا، وإغلاق باب الإرادة في وجهنا. أقول لأخي وصديق العمر نريدك مصباحا ونورا أيها المهمل الكبير. خد بالك من صحتك نحن في حاجة لك.
علمت من الصديق العم سيد إمام، في مكالمة هاتفية بعد ذلك، دقة ما كتبه صديقه اللقاني البديع، وعلمت أنها كانت مكالمة هاتفية بينهما نقل فيها إمام أوجاعه إلى الصديق المقرب، وقام الأخير بنقل الموضوع للناس بأمانة؛ كمن يجمع الأمنيات الطيبة بالشفاء وطول العمر لعشرة سنينه، وينبه المعنيين الغافلين إلى مشكلة صحية لرجل فريد يجب أن يعيش سليما معافى متفرغا لما بين يديه من الأعمال الجليلة قبل أن تتفاقم مشكلته (لا قدر الله).
الغاية.. بدا واضحا هكذا أن الرمز الملهم سيد إمام في أزمة صحية حقيقية، تحتاج إلى تدخل عاجل من الدولة التي إن كانت قصرت في حق الرجل اللامع في هامشه الخاص، إلا أنها تعرف استحقاقه للمتن وتعرف قدره أيضا كما يعرفه تلاميذه وأصدقاؤه ومحبوه ومتابعوه.
إقرأ أيضًا…تذكرة ماتينيه..وسكة سفر إلى عالم بشير الديك
السيد صلاح اللقاني واحد من أقرب أصدقاء العم سيد إمام، كما ألمعت، إن لم يكن أقربهم في المطلق، ينتميان إلى بلد واحد وإلى جيل واحد وإلى فكرة واحدة ملخصها محو الظلام بالنور والجهالة بالعلم والخرافة بالعقل والقدامة بالحداثة، ولكل منهما جهده ومكانته، وكلاهما مهملان للأمانة، ربما لإخلاصهما الشديد لمشروعيهما، ولطبعهما الأبي، وشرفهما الشخصي الذي لا خلاف عليه.
لا يتوقف الأستاذ الكبير سيد إمام دقيقة واحدة عن الأمل، ولا عن محاربة الفساد والاستبداد، ولا التخلف والرجعية، ولا طغيان الدين التقليدي على الدين الذي لا يتقيد بالعرف ولا بالعادة.
فبجانب مشروعه العظيم، الترجمة التنويرية، وممارسته للنقد الأدبي، وكتاباته.
المستمرة في قضايا الشأن العام، برؤى شديدة الوعي والتقدمية، يقاتل الرجل الذي يكبر في السن ولا يدري (مواليد البحيرة في 1945 بدمنهور) يقاتل قتالا ضاريا من أجل إرساء قيم مجتمعية منتجة خلاف الاستهلاكية التي حلت بالمجتمع فكادت أن تفنيه.. حلت به نتيجة لعوامل شتى، من بينها الإعارة إلى الخليج وطغيان التوجه الرأسمالي وشيوع التفاهة والغرور والجشع واضمحلال الإنسانية.
مشروعه في الترجمة كان يكفيه ويغنيه، ولو معنويا، غير أنه من الذين لا يوقرون الساكتين عن الحق ولا الساعين إلى المناصب ولا الراغبين في الشهرة المجانية الفارغة، إنما يوقر الذين يجهرون بالحق ويسعون إلى التغيير الجذري والإصلاح المبين ويرغبون في حالة عامة قوية لا حالة خاصة مرفهة.
من يعرفون سيد إمام معرفة أكيدة؛ يصفونه بالانشغال الدائم بالوطن والناس وبالمصرية الخالصة التي تعكسها روحه الظريفة المرحة وفرعونيته بالمعنى الحضاري العبقري الصامد عبر الأزمنة لا السياسي الصولجاني السلطوي!.
يرى هؤلاء قيمة الرجل كفة راجحة في الموازين وقامته كالجبل الأيهم الذي لا ينال علوه سواه.
أعمال سيد إمام من الذيوع بحيث يغني ذيوعها عن تكرار عناوينها، وقد قمت شخصيا بإحصائها في ثلاثة مقالات سابقة لي عن السيد العملاق، وصفحته في الفيسبوك كالصفحات الحربية المعادية للقبح والظلم والأباطيل، وإن كان أكثر الناس وداعة ولطفا!.
إنني فقط أرجو أن يحال ملفه الصحي إلى وزارة الثقافة ومنها إلى الصحة بصورة عاجلة (أطلب ما أطلبه له ولا يطلبه لنفسه البتة، بل قد لا يحب أن يطلبه له أحد من العارفين برمزيته الصادقة في مجاله المهم، لكن يقيني في إيمانه بحرية قلمي يشفع لي عنده؛ فهو المؤمن بحرية الأقلام إلى أقصى درجة حتى لو تعلق الأمر به شخصيا)؛ أفعل ما أفعله الآن لأنني أرجو ألا يكلفه الأمر مليما واحدا، ولا يشعره، في أية مرحلة من المراحل، بحاجة إلى نداء ولا استجداء (لن يجري شيء من ذلك بإذن الله الرحمن الرحيم وبلطفه الألطف)؛ لأن دولته التي بذل معظم جهوده لإحياء مواتها، إذا سمعتني واستجابت لي وقدرت ما أتكلم فيه تقديرا يليق بمقام الرجل المعتبر؛ فستقوم برعايته الشاملة ومحو آلامه وعذاباته وبناء علاقة جديدة واثقة بين روحه وجسده (أطال الله بقاءه وبهاءه).
أخيرا.. أطمئن جميع المقبلين عليه بأنه لا يزال كما العهد الدائم به واهب حياة.
للمتعطشين إلى الحياة، ولا يقربه المرض، على الرغم من قسوته في السن الكبيرة، لخانتي الهزيمة والانكسار، وإنما يحفزه إلى التحدي الذي يحبه ويعجبه، ويدفعه دفعا إلى إنجاز ما نقص من إبداعه، ويجعله في سباق مع الزمن لتتمة الرسالة التي هيأته لها الأقدار، ليس على معنى توقع الأكثر سوءا حاشا وكلا، لكن على معنى ألا يصرفه الأدنى عن الأعلى، له السلامة وعليه السلام!
الكاتب
-
عبد الرحيم طايع
- شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة
كاتب نجم جديد