من أين جاءت السيجارة الكليوباترا.. رحلة “الكوكو الضعيف” من العدم إلى الشعبية
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
الكوكو الضعيف، صديقة الفقرا، صباع الطباشير، أبو الخشب، كلها أسماء وأكثر لنوع سجائر واحد يسمى تجاريا “الكليوباترا” السيجارة الأتي تنتجها الشركة الشرقية للدخان، والأكثر انتشارا ومبيعا في الأسواق المصرية بل ويتم تصديرها للخارج مع بعض التعديلات في المظهر والجوهر أيضا.
البداية عند الخواجة ماتوسيان، تحديدا الأبن جوزيف ماتوسيان رئيس غرفة صناعة السجائر في مصر عام 1960، ولكن قبلها كان جوزيف ماتوسيان ومن قبله والده هم من أصحاب شركات صناعة التبغ في مصر، وكان اسم الماركة هي ماركة ماتوسيان أو سجائر ماتوسيان التي قالت عنها الدعاية ” السيجارة التي يحبها الرياضيون”.
ماتوسيان بدأ صناعة السجائر في القرن التاسع عشر بورشتين لصناعة السجاير واحدة في الإسكندرية والثانية في العتبة، وسرعان ما ازدهرت تجارته وصناعته كثيرا رغم المنافسة الشديدة، وبوفاة الأب حل الابن جوزيف ماتوسيان مكانة في قيادة الشركة، ووقف في أوجه منافسيه والذين كان من بينهم القصر الملكي، الذي أصدر في الاربعينيات قرارا بإنشاء الشركة الشرقية للدخان، وظل ماتوسيان في السوق يواجه الدولة بالشركة الشرقية ومنافسيه.
حتى جاء قرارات التأميم ليقبل ماتوسيان أن تندمج شركته تحت مظلة الشركة الشرقية للدخان، بل ويظل جوزيف في الصناعة حتى الوصول إلى منصب رئيس غرفة الصناعة في مصر ومن هنا تبدأ رحلة الكوكو الضعيف، وهنا أيضا يظهر أسم كمال قطبة عضو غرفة صناعة السجاير المصرية.
الزمان شتاء عام 1961، والحدث هو إقامة معرض إبان الوحدة بين مصر وسوريا لعرض المنتجات المشتركة بين الشعبين، قرار من غرفة صناعة السجاير أن تشارك في المعرض خاصة وانه من المنتظر ان يفتتح المعرض الرئيس عبدالناصر بنفسه، وبالفعل يقف كمال قطبة ومعه جوزيف ماتوسيان في انتظار الرئيس الذي يأتي ويبدأ في تفقد المعرض، والجناح الخاص لفخر إنتاج الشركة الشرقية للدخان السيجارة الوطنية “البلمونت”.
واثناء الجولة قدم جوزيف ماتوسيان علبة سجائر بلمونت للرئيس وهو المدخن الشرة، ولكن الرئيس ازاحها جانبا واخرج علبة سجائره “الكنت” وأشعل سيجارة، تلك الحركة التي جعلت الجميع يقف في صمت ووجوم فأحس عبدالناصر ان ما قام به شيء محرج للغاية، فبرر فعلته أنه لا يستطيع ان يغير نوع سجائره لان هذا يرهق رئتيه، ولكن هذا التبرير لم يكن كافيا.
فقرر عبدالناصر ان يلقي الكرة بعيدا عنه ليقول لجوزيف ماذا لو استطعنا صناعة سيجارة محلية مثل الكنت، فكان رد جوزيف ” طلباتك أوامر يا ريس” وانتهي اليوم ليذهب جوزيف إلى كمال قطبه يخبره بما دار، في الصباح أرسل جوزيف أحد العمال إلى أحدى الممرات في شارع قصر النيل في مهمة خطيرة للغاية.
المهمة كانت شراء ثلاثة خراطيش كنت من أحد تجار السوق السوداء بوسط البلد، كانت السجائر المستوردة تباع فقط في السوق السوداء، ورجاءا لا تسأل كيف كان عبدالناصر يحصل عليها ولا يدخن غيرها رجاءا لا تسأل هذا السؤال؟
يأتي العامل بالحمل الثمين ويتدخل الخراطيش الثلاث إلى المعمل لتحليل مكونات السيجارة، والبدء في محاكتها، وفعلا يستطيع ماتوسيان وعمال الشرقية للدخان إنتاج سيجارة مصرية تشبه الكنت في الشكل والجودة، وبقى اختيار الاسم، الصدفة هنا تلعب دورا كبيرا، الصدفة كانت أن في تلك الأيام الضجة الكبيرة حول الفيلم الضخم كليوباترا التي تقوم ببطولته إليزابيث تايلور، ليقرر جوزيف ماتوسيان ان يكون هذا هو اسم السيجار الجديدة، كليوباترا استغلالا للدعاية الضخمة التي تقام للفيلم ولأن الاسم شائع للغاية وقتها ولان كليوباترا كانت ملكة لمصر.
بقي يوم الامتحان، ارسل ماتوسيان ثلاثة خراطيش إلى الرئيس جمال عبدالناصر مع كمال قطبة، ومر شهر كامل دون معرفة أي ردود أفعال من الرئيس عدى شكر مكتب سكرتارية الرئيس لقطبة ومن خلفه ماتوسيان، كانت هناك مناسبة مدعو إليها جوزيف ماتوسيان وكمال قطبة تلك المناسبة هي زفاف ابنه اللواء رشاد حسن وهو صديق للرئيس عبدالناصر ومن المنتظر حضور الرئيس، وبالفعل حضر الرئيس وجلس واخرج علب سجائره وكانت المفاجأة.
لا يمكن ان تكون توقعت ان الرئيس قد أصبح يشرب الكليوباترا، لا ولم يخرج علبته الكنت، بل أخرج الرئيس علبة سجائر مستوردة من نوع أخر وهي l&m، ولم نعلم إلى الأن هل أحب الرئيس السيجارة الكليوباترا أم لا، كما لم نعلم إلى الأن هل كانت علبة السجائر L&M أحمر أم أزرق، وفي النهاية مات الرئيس ومات ماتوسيان وهاجر كمال قطبة إلى كندا ومات هو الأخر وبقيت الكليوباترا حرة مستقلة.
*المصدر: كتاب صنايعية مصر لعمر طاهر
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال