تركيا: من منتزه غيزي إلى غابات آقبلن احتجاجات بيئية تتحول لأزمة سياسية 

الكوكب يصل لمرحلة الغليان وحرائق الغابات كابوس يتكرر في الصيف الأكثر حرارة منذ عقود. وفي خضم تلك الأزمة تشتعل احتجاجات بيئية في تركيا رافضة لأعمال إزالة الغابات في ولاية موغلا جنوب غرب البلاد لتوسعة منجم فحم على حساب الرقعة الخضراء. الاحتجاجات التي واجهتها الشرطة بقنابل الغاز وخراطيم المياه شهدت اعتقال 14 متظاهرًا على مدار أسبوع من المناوشات. وتتصاعد الأحداث أكثر بعد مشاركة وفد من حزب الشعب الجمهوري على رأسه قيليتشدار أوغلو لتتحول إلى أزمة سياسية شبهها البعض بأحداث حدائق غيزي  2013م.

بدأت أزمة آقبلن في 2020 م حين منحت الحكومة التركية الإذن لشركة الطاقة YK يمكنها من إزالة 780 فدان من الغابات لتوسعة منجم فحم؛ الأمر الذي دفع السكان المحليين ونشطاء البيئة للاحتجاج والتوجه لساحات المحاكم التي قررت إلغاء وقف تنفيذ أعمال الإزالة في العام 2022 م. ليتفاجأ السكان المحليون قبل عدة أيام بجرافات الشركة تستأنف إزالة الغابة وتقطع 65 ألف شجرة يصل أعمار بعضها إلى 90 عامًا؛ مما دفعهم للاحتجاج أمام المحكمة الإدارية في موغلا والغابة التي منعتهم الشرطة من دخولها. 

اقرأ أيضًا

يوم غريب في تركيا.. غراب يحمل أصابع بشرية وجريمة تكشفها حرائق الغابات 

كيف تحولت الاحتجاجات البيئية لأزمة سياسية؟

اكتسبت احتجاجات غابات آقبلن طابعًا سياسيًا بعد مشاركة وفد من حزب الشعب الجمهوري، أكبر حزب معارض في تركيا، وعلى رأسه المرشح الرئاسي السابق ورئيس الحزب، كمال قيليتشدر أوغلو، في الاحتجاجات تضامنًا معها. ليخرج بعدها رئيس حزب الحركة القومية المقرب من أردوغان، دولت بهتشلي، متحدثًا عن محاولات المعارضة للالتفاف حول نتائج الصندوق باستغلال احتجاجات آقبلن، في إشارة إلى خسارة قيليتشدار أوغلو الجولة الثانية من انتخابات القرن أمام الرئيس الحالي بفارق 2%. 

كما أشار إلى أن المعارضة فشلت في إدارة المحليات التي فازت بها في انتخابات 2019 م وعلى رأسها مدن هامة مثل إسطنبول التي يترأس محليتها أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز وجوه الحملة الانتخابية لقيليتشدار أوغلو ونائب الرئيس المنتظر حال فوزه.

وكانت أبرز تصريحات بهتشلي تتحدث عن تكرار سيناريو احتجاجات غيزي 2013 م في إسطنبول، والتي انتهت بمقتل 8 أشخاص بينهم ضابط شرطة وإصابة واعتقال العشرات. ولا يزال 7 سجناء يقضون أحكامًا بالمؤبد والسجن 18 سنة حتى الآن في سجون تركيا، بينهم جان آتالاي، عضو البرلمان عن حزب العمال التركي والذي ترشح من داخل محبسه وفاز في الانتخابات العامة 2023م عن دائرة هطاي. واجه النشطاء المعتقلون محاكمات وصفتها منظمة العفو الدولية بالهزلية واعتبرتها ضربة لكل من يؤمن بالعدالة والنشاط الحقوقي في تركيا.

اقرأ أيضًا 

عوامل حسمت الانتخابات الأصعب في تاريخ تركيا لصالح أردوغان.. عصر جديد للإسلام السياسي

“احتجاجات متنزه غيزي” وصفها أردوغان بمحاولة الانقلاب وأصبحت رمز للبيئة

فيديو: مشاهد من الهواء لحديقة غيزي وموقعها في إسطنبول

إقرأ أيضا

“أندرو تيت” كاره النساء الذي يقدسه المتدينون

بالطبع لم تكن تلك الأحكام القاسية بناء على احتجاج بيئي نظمه النشطاء فقط، فقد اكتسبت تلك القضية أهمية سياسية وأصبحت رمزًا للبيئة والمعارضة في جميع أنحاء تركيا بسبب الملابسات العديدة التي عاشتها. بدأت القصة كلها في نهاية مايو/ أيَّار 2013 م حين أعلنت الحكومة إزالة حديقة غيزي الملاصقة لساحة تقسيم وسط إسطنبول؛ وذلك لإقامة ثكنة عسكرية في تلك المساحة. 

طوال أسبوعين احتل المحتجون حديقة غيزي رفضًا لإزالتها، مجرد اعتصام سلمي ينظمه نشطاء البيئة، حتى تدخلت قوات الشرطة لفض الاعتصام بشكل عنيف أسفر عن وقوع قتلى وعشرات الجرحى. وهنا أشعلت حديقة غيزي احتجاجات طالت جميع أنحاء تركيا وتأججت أكثر بعد تصريحات الرئيس أردوغان بوجود محاولة انقلابية خلفها، ولم تتوقف إلا بعد انسحاب الجرافات أمام النشطاء. 

على مدار السنوات كانت ذكرى احتجاجات غيزي تشهد تظاهرات دائما ما تقمعها الشرطة بالعنف. وكان آخر تطور شهدته القضية في العام 2021 م عندما قررت الحكومة نزع ملكية الحديقة من البلدية وإسنادها لوزارة الثقافة والسياحة باعتبارها مؤسسة تنتمي لعهد الدولة العثمانية، رغم اعتراض البلدية ورئيسها إمام أوغلو على القرار الذي اعتبره سياسيًا.