عن عرض حلم جميل ..لا ينسى البسطاء حلمًا جميلًا ولا عرضًا يستحق المشاهدة

المسرح عالم ساحر وواسع وهو الأقرب للجمهور من حيث الاحتكاك المباشر به، يشعر الممثل على خشبته أنه يمتلك الدنيا مهما كانت مساحة دوره، ويشعر المتفرج أنه يشاهد قصة واقعية لأنه يرى الممثلين على بعد خطوات منه بلا أي حجاب.

الحظر يحول هاملت إلى فتاة على مسرح شكسبير

وفي السنوات الأخيرة لم نشاهد تجربة اشتهرت على المستوى الجماهيري واستمرت لمواسم عدة بالمسرح سوى تجربة “مسرح مصر” والتي كانت وليدة فكرة للفنان أشرف عبد الباقي.

ورغم رؤية النقاد للتجربة وما وصلت إليه في المواسم الأخيرة لمستوى متدنٍ وخذل توقعات الجمهور كذلك، إلا أن هذه التجربة هي التي نستطيع أن نشير إليها كتجربة ألتف حولها لفترة ما الجمهور  وبالأخص الأسرة المصرية.

ووسط كل عروض المسرح التي أشاهدها من الحين إلى الآخر، أعجبني عرض “حلم جميل” للفنان سامح حسين والذي استمر لعدة شهور انتهى فيها الموسم الأخير منذ أيام على المسرح العائم بالمنيل حتى يتم عرضه مرة أخرى بالإسكندرية بعد عيد الأضحى المبارك.

بين عروض المسرح تشاهد نوعية من العروض التي تخاطب المشاهد المثقف، والتي تخاطب المشاهد الذي يهتم بالفلسفة، وأحيانًا يتحدى بعض الكتاب المسرحجية بعضهم البعض في العروض التي تعتمد على كثير من الرمزيات والفلسفة، فيخرج الجمهور العادي مطأطأ الرأس لم يستوعب هدف العرض ولا قصته.

ولكن عرض حلم جميل كان من فئة العروض التي نستطيع أن نضعها ضمن التجارب التي تستهدف الأسرة المصرية والجمهور العادي. . 

.حلم جميل يعبر عن أحلام البسطاء ويخاطب شريحة كبيرة من الجمهور المصري، و جذب الجمهور لأكثر من ساعتين ونصف.

أبدع الفنان سامح حسين في أداء دور جميل، ونجح في إعطاء المشاهد التراجيدية حقها والتي عبرت عن آلم كل من قهرته ظروف الحياة.

وكان يستخدم طريقة الاحتكاك المباشر بالجمهور مما جعله يتفاعل معه في أكثر من مشهد، وكسر الحاجز بين الجمهور وشخصية جميل، فشعروا بهذه الطريقة أن جميل واحدًا منهم.

 غلب الطابع الكوميدي على العرض بالتنويع بين كوميديا الموقف فيما يخص الحوار الخاص بشخصية جميل، وكوميديا الفارص فيما يخص حوار شخصية حلم والتي قامت بدورها الفنانة الشابة حنان عادل.

كان أداء حنان عادل جيدًا مناسب لطبيعة الدور، والذي لم يكن سهلًا لأن شخصية حلم ضريرة، وتأدية دور شخصية ضريرة على المسرح ليس بالأمر السهل ويحتاج لتركيز مختلف أمام الجمهور.

شخصية حلم بالتحديد يمكنك أن تتخيلها كالفراشة؛ شخصية ملائكية ورقيقة لم تلوثها الصعاب، واستطاعت حنان عادل أن تتعامل مع طبيعة الشخصية بشكل حقق هذه الصورة في أذهان الجمهور، وكسبت تعاطف المشاهدين مع عقدتها بالعرض وحبهم في نفس الآن، فيما أدت الاستعراضات بخفة.

أما عن الأستاذ الكبير عزت زين ، فقد أدى دور الرجل الغني الذي يحتقر الفقراء ( نجيب)  وأدى أكثر من مونولوج بشكل رائع استخدم فيه صوته بقوة تتناسب مع طبيعة الأداء المسرحي، وبذل مجهودًا كبيرًا في استخدام لغة الجسد طوال الوقت.

إقرأ أيضا

قراءة الشرق الأوسط أمر صعب .. كيف يرى الغرب حرب غزة؟

كان بطل رئيسي بهذا العرض الاستعراضات، والدراما الحركية كانت للأستاذ  ضياء شفيق ، وكانت الاستعراضات في محلها ومبهرة للجمهور وضرورية حتى لا يشعر الجمهور بالملل، وقد تمكن المخرج إسلام إمام من تحريك المجاميع على المسرح بشكل جيد واستخدامها بشكل ناسب طبيعة المشاهد؛ مثل مشهد حدث بالمولد.

كما وظف السينوغرافيا بشكل لافت وجاذب للجمهور، وكان الديكور لدكتور حازم شبل  مناسبًا للنص وطبيعة كل مشهد، خاصة المشاهد التي جعلتنا نشعر ببساطة أحلام الشخصيات والسعادة بعد تحقيق هذه الأحلام، وكملت هذه الصورة الملابس المختارة بعناية لنعيمة عجمي.

استمتعت بالحلم الجميل وبالعرض وبالنص المتماسك على الرغم من وجود بعض المشاهد القليلة التي طالت مدتها على المسرح دون داعٍ، وبعض الإيفهات التي لم تكن موفقة، ولكن إجمالًا العرض جيد والنص كذلك والذي كان من إعداد  طارق رمضان، و شاركت في كتابته سلمى الطاهر عن مسرحية لتشارلي شابلن.

حلم جميل شارك فيه مجموعة من الشباب؛ حسن علي، رشا فؤاد، جلال الهجرسي، ومساعدين الإخراج سارة الرداد وكريم محروس، وكانت الإضاءة لأبو بكر الشريف،  فيما كانت الموسيقى التي حركت الاستعراضات وتفاعل معها الجمهور للفنان هشام جبر والأشعار لطارق علي.

لا ينسى الجمهور حلمًا جميلًا، ولا عرضًا جيدًا، وخاصة لو كان صاحبه فنانًا وإنسانًا يحترم الجمهور، ويقدم له التحية كما يقدم له مجهوده على المسرح، شكرًا للفنان سامح حسين.