رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
787   مشاهدة  

خالد المنفلوطي .. أستاذي العظيم الذي صفعني وتنبأ بكل ما حدث

خالد المنفلوطي


الآن أجلس لأتذكر كيف بدأت الرحلة، فقط ليطل اسمه من بين كافة الأسماء، ووجهه من بين كافة الوجوه، خالد المنفلوطي المدرس الوحيد الذي تجرأ وصفعني وهو الوحيد الذي تنبئ بما حدث بعد ذلك، خالد المنفلوطي مدرس اللغة العربية في مدرسة طه حسين الإعدادية المشتركة بمدينة طور سيناء بمحافظة جنوب سيناء، الرجل الذي طالما ذكرني بالأستاذ فرجاني في فيلم أخر الرجال المحترمين.

كيف بدأت الرحلة؟ كان الأمر مجرد موضوع تعبير لا أكثر ولا أقل، كنت عرفت هذا المعلم العظيم في مدرسة الحرية الإعدادية التي قضيت فيها عام واحد قبل ان تفتح مدرسة طه حسين القريبة من منزلي، لأنتقل لها وينتقل هو أيضا، وكنت فرحا للغاية حينما قابلته.

في إحدى الحصص أعطانا الأستاذ خالد المنفلوطي واجب منزلي عبارة عن موضوع تعبير، موضوع مثل تلك المواضيع التي طالما كتبناها في المنزل، فقط قال جملة وحيدة، أطلق العنان لخيالك، واكتب موضوع تعبير عن أعماق البحر، لم أفعل أكثر من ذلك، أطلقت العنان لخيالي وكتبت، وفي الصباح التالي سلمته الكراسة ومر اليوم، ليأتي اليوم الذي يليه لينادي على اسمي.

لا لم يسقط قلبي في قدمي، فللحق كنت طالبا مجتهدا في تلك الأيام، ولا يتم النداء عليّ لأي سبب من الأسباب التي تستوجب العقاب، ولكنني أيضا لم أتوقع منه ما طلبه، وجدته يشير إليّ بكراسة التعبير لأخذها قائلا (قوم.. روح أقف في أخر الفصل وأقرا اللي أنت كتبته ده بصوت عالي) ثم نظر للزملاء جميعا وقال (اسمعوا زميلكم وما اسمعش صوت).

وقفت مرتبكا بعض الشيء، ثم انطلقت في القراءة وما أن انتهيت حتى باغتني بسؤال (أنت عايز تطلع ايه لما تكبر يا عمرو؟) كنت طيلة عمري أحلم أن أكون كاتب سيناريو ولكن بالطبع أهلي وقتها لم يكونوا ليستوعبوا الامر وهم جل أحلامهم أن أصبح طبيب أو مهندس، فأجابته (أنا نفسي أطلع سيناريست بس أهلي عايزيني أطلع مهندس) فقال (سيبك من أهلك.. أنت لو دخلت كلية الآداب قسم فلسفة ها تكون واحد من أهم الكتاب اللي جم في مصر) وأشار لي أن أجلس في مكاني، وأتبع قوله (للأسف محدش بياخد 10 من 10 في التعبير علشان كدة ها اديك 9.5 من 10، انت الوحيد اللي أنا أديته الدرجة دي طول مدة شغلي كمدرس).

لم اتلقى تقديرا وتكريما مثل هذا ما حييت، رجل يتنبأ لصبي في للثالثة عشر بأنه سيصير كاتب من مجرد موضوع تعبير، وليس أي كاتب، بل أحد أهم من أنجبتهم مصر! الأمر كله كان غريب، اعزاه أحد الأصدقاء إلى أن الأستاذ يحبني، وأنا لم يشغلني الموضوع حينها، ولكنه ظل حاضرا في عقلي دائما أبدا.

بعد هذا الموقف بأيام جاءت امتحانات الشهر، لأتلقى صفعة لم انسها ما حييت كان زميلي الأساسي في المقعد قد انتقل لمقعد أخر بسبب الامتحانات (انتوا الاتنين ما تقعدوش جنب بعض) هكذا قالتها إحدى المعلمات، ليأتي زميل أخر وفي إمتحان التربية الدينية قرر هذا الزميل أن يغش ويخرج الكتاب لنقل منه، ليدخل الأستاذ خالد المنفلوطي ويلقي زميلي الكتاب أسفلي، فيراه ويظن الأستاذ خالد أنني من أقوم بالغش، وهنا أشار لي أن اقف ولم يستمع لي فقط صفعني صفعة أطارت النضارة من فوق وجهي واسكتت الفصل بأكمله لما أتمالك نفسي وانهمرت دموعي ونظر له واعطيته ورقة إجابتي المغلقة منذ فترة فلقد انتهيت من الإجابة منذ فترة ولملمت أشيائي وأخذت نضارتي وخرجت من الفصل.

ليكتشف ما حدث بعدها وفي اليوم التالي يتعذر لي، لأظل ذلك الطالب المدلل الذي يعتبره المعلم العظيم مشروع كاتب كبير، تلك الجملة التي كانت سبب في العديد من الخيارات التي قادتني لهذه النقطة، أعمل بالكتابة، أو بمعنى أكثر دقة، أعمل بأكثر شيء أحبه وأفضله، كانت تلك الجملة التي قالها الأستاذ خالد المنفلوطي سببا في رحلة ربما كانت أقسى كثيرا مما توقعت، مع العلم أنني لم أصل حتى لمنتصفها.

إقرأ أيضا
شادي حبشي

اليوم كل ما أريده أن أبحث عنه في طور سيناء او في بلدته التي جاء منها إن كان قد عاد إليها لأسأله فقط لماذا قولت ما قولته؟ لماذا حملتني إلى هذا الطريق؟ أريد عن أعرض عليه ما كتبته وأكتبه لأسأله أستاذي هل مازالت أستحق 9.5 من 10؟!

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان