
إلى الفنان عمر كمال : مالك ومال أصحاب الشهادات ؟!

محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ما الذي يفعله عمر كمال ؟
تواجه مصر أزمة كبيرة منذ أن عرف المشاهير سكة “التريند اليومي” ، وملخصه أن تكون موجودًا بشكل يومي حتى في غير تخصصك ، أن تكون موجودًا وخلاص ، أن تكون موجودًا لمجرد كونك موجودًا ، أن تكون موجودًا حتى لو وجودك سخيفًا ، حتى لو وجودك مؤذيًا للبعض ، وجارحًا للبعض الآخر ، ستكون موجودًا حتى لو انك مكروهاً .
كل هذه الديباجة كوم ، وما يفعله (الفنان) عمر كمال كوم آخر، لقد وجد ضالته في استفزاز أصحاب الشهادات يوم بعد الآخر ، كلما اختفى الضوء عن الضوضاء التي يصنعها مع شاكوش وغيره ، فيبرز في وجه الجميع كارت العمل بغير الشهادات ، ناصحًا الشاب الذي كافح طيلة 22 عامًا ليحمل شهادة دفع فيها أبوه دم قلبه أن يلقي بشهادته في أقرب سلة قمامة ، فيروس التنمية البشرية الذي أوهم المشاهير أنهم صالحين لأن يكونوا ملهمين ، فنسى البعض حجمه ، وتناسى تأثيرة الضيق كونه أحد المؤديين الذي لم يخط اسمه في الفن بالقلم الرصاص ، وقرر أن تكون ذريعة وجوده اليومي الرقص على أحلام من تعطلت أحلامهم لأسباب كثيرة ، لكنهم على كل حال غير منتظرين نصيحة من الفنان عمر كمال .
هناك وجهة نظر غير منطقية استشرت في الوعي مؤخرًا بفضل التحفيز الأوفر والذي أغلبه تحول إلى سلعة ، أن كل لا يريد أن يعمل بشهادته ، وأن المجتمع المنغلق على نفسه هو من يجبر كل الشباب أن يعمل بشهادته وإلا فشل ، وهو مفهوم ضيق الأفق تمامًا ، هناك من هو حلمه فعلًا أن يكون طبيبًا ، لذلك فإن طريقه الوحيد هو الاجتهاد في الثانوية العامة حتى يصل لكلية الطب ، والدراسة لسنوات كثيرة في الكلية ، ثم التخرج والبهدلة والتكليف حتى يصل إلى هدفه ، ويصبح طبيبًا شهيرًا .. ما العيب أن تكون الدراسة هي والشهادة وسيلة وطريق لتحقيق الهدف (بعد إذن رجال التنمية البشرية) ؟
هناك نظرية يشهرها عمر كمال في وجهك حينما تحدثه عن فجاجة ما يفعله ، فيخبرك بضرورة “وأما بنعمة ربك فحدث” ، ونحن نقول له أن هناك فارق كبير في التحدث عن النعمة ، وتسليط النعمة ككشاف لإزعاج بصر الآخرين .. وهناك سؤال منطقي ربما يسأله البعض لعمر كمال ، هل فنان كعادل إمام وميجا ستار كعمرو دياب غير قادرين على التحدث بالنعمة ليل نهار ؟ وإبراز السيارات والقصور وغيره ؟! ، وهذا يفسر تمامًا لماذا تسخط الناس على عمر كمال وأمثاله ، في المقابل ليس لدى الناس غضاضة تمامًا تجاه الفنانين الكبار ؟ ، وهذه ليست دعوة للحقد أكثر منها دعوة للتعقل والهدوء ، وعدم اللعب على وتر استفزاز الشباب ، لأن نتائج ما يفعله عمر كمال وغيره وخيمة على المدى البعيد .
هناك تأثير سام على ما يروج له عمر كمال وغيره ، هذا التأثير مدمر للذين لم يجدوا ضالتهم ، أو بمعنى أصح للذين لم يجدوا في أنفسهم موهبة معينة ، ولابد أن نصارح أنفسنا في هذا ، هناك كثيرين لم يحصلوا على مواهب تمكنهم من الاستغناء عن الوظيفة والروتين .. فليس من المنطق أن نكون جميعًا من مطربين ، وليس من الضروري أن نجيد جميعًا كتابة الروايات ، وليس من الضروري أن نمتلك موهبة التمثيل ، وليس من الضروري أن يعثر كل الناس على ما يميزهم ، لأنه هناك من لم يمتلكون ترف المقامرة بعمرهم ، وهناك من لم يمتلكون روحًا تساعدهم على تحمل صدمات الاعتماد على الموهبة ، لذلك لا يستطيع أحد المزايدة على أحدهم بأسلوب المعايرة بالموهبة ، أو اسلوب الرقص على مصير أحدهم ، لأن هذا الأسلوب قاسي مدمر تمامًا ، يمثل عبء كبير على الراضين بالحال ، ويزرع السخط داخل نفس كل شاب لم يمتلك موهبة ، ويدعوه لأن يصبح مسخًا كمسوخ الفيس بوك ، ونعتقد أن جرعة التحفيز الزائدة لها جانب سيئ ، ملخصه شعور الفرد دائمًا بالتقصير حتى وإن كان في أقصى مجهود له ، شعور دائمًا بعدم الصبر والضجر ، وكره العيشة واللي عايشينها .. (كل هذا طبعًا إن كان المحفز صادقًا وليس ترينداوي كـ عمر كمال) … ونرى أن الطريق الصحيح هو الذي يقرره الشاب منّا بنفسه دارسًا بيئته ، مقررًا مصيره ، بعيدًا عن عمر كمال ، وغيره .
الكاتب
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ما هو انطباعك؟





