رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬274   مشاهدة  

عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية في كتب المؤرخين غير المسلمين

عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



جاءت ثنائية عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية كواحدةٍ من أشهر ملفات بداية دخول العرب لمصر، كون أن المكتبة كانت ذا ثقلٍ ضخم وضمت كنوزًا من حضارات أخرى، فكان لحريقها صدىً في كافة كتب التاريخ والحضارة.

عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية .. كيف اتفق هؤلاء ؟

شكل مكتبة الإسكندرية القديمة
شكل مكتبة الإسكندرية القديمة

زخرت كتب المؤرخين المسلمين بقصة عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية، مثل المقريزي في كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، وعبداللطيف البغدادي في كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر، وقد نقلا هذا الكلام من رواية غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي في كتاب تاريخ مختصر الدول.

غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي
غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي

يقول كتاب تاريخ مختصر الدول «اشتهر رجل بين المسلمين اسمه “حنا الأجرومي”، وكان من أهل الإسكندرية، وظاهر من وصفه أنه كان من قساوسة القبط، ولكنه أخرج من عمله إذ نسب إليه زيغ في عقيدته، وأدرك ذلك الرجل فتح العرب للإسكندرية واتصل بعمرو، فلقي عنده حظوة لما توسم فيه من الذكاء بصفاء ذهنه وقوة عقله، وعجب مما وجد عنده من غزارة العلم، فلما أنس الرجل من عمرو ذلك الإقبال قال له يوما: لقد رأيت المدينة كلها وختمت على ما فيها من التحف، ولست أطلب إليك شيئا مما تنتفع به، بل شيئا لا نفع له عندك وهو عندنا نافع».

اقرأ أيضًا 
“جامع عمرو بن العاص والفاطميين” كيف كان حال مسجد أهل السنة في ظل حكم الشيعة لمصر ؟

ويواصل غريغوريوس في سرد الرواية فيقول « قال له عمرو: وماذا تعنى بقولك، فأجابه حنا أعني بقولي ما في خزائن الروم من كتب الحكمة، فقال له عمرو: إن ذلك أمر ليس لي أن أقتطع فيه رأيا دون إذن من الخليفة،، ثم أرسل كتابا إلى عمر بن الخطاب يسأله في الأمر فأجابه قائلا: “وأما ما ذكرت من أمر الكتب فإذا كان ما جاء بها يوافق ما جاء فى كتاب الله فلا حاجة لنا به، وإذا خالفه فلا أرب لنا فيه وأحرقها”، فلما جاء هذا الكتاب إلى عمرو أمر بالكتب فوزعت على حمامات للإسكندرية لتوقد فيها، فما زالوا يوقدون بها ستة أشهر فاسمع وتعجب !».

كتب غير المسلمين ورواية عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية

تخطيط مكتبة الإسكندرية القديمة
تخطيط مكتبة الإسكندرية القديمة

تنوعت رؤى غير المسلمين من المؤرخين والفلاسفة إلى عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية، فبعضها تناول الحدث من ناحية هل حدث أصلاً أم لا، وبعضهم تناولها من حيثية نقض رواية أبي الفرج.

تورط يوليوس قيصر في الحريق

يوليوس قيصر
يوليوس قيصر

اتفق جميع غير المسلمين على 3 أمور، أولها أن عمرو بن العاص لم يكن له صلة بحريق المكتبة، ، وثانيها أن الإسكندرية لم يكن فيها مكتبة واحدة وإنما كان بها 3 مكتبات، الأولى باسم الموزيوم وحُرِقَت في حصار يوليوس قيصر للإسكندرية، والثانية السيرابيوم والثالثة أضيفت للثانية وكان اسمها مكتبة برغاموس وحُرِقَتا في عهد ثيودوسيسوس سنة 391 م، أما الأمر الثالث فهو أن المكتبة صارت أثرًا بعد عين قبل دخول العرب إلى مصر.

إدوارد جيبون
إدوارد جيبون

يقول إدوارد جيبون في كتاب تاريخ إضمحلال وسقوط الدولة الرومانية «أميل ميلا شديدا إلى جحد الواقعة نفسها، وسائر ما يترتب عليها من النتائج، فشهادة مؤلف كأبي الفرج يكتب في هذه المسألة بعد 6 قرون وهو أجنبي عن مصر يقيم في مكان بعيد كل البعد عن تخومها، ترجح عليه رجاحنًا شديدًا دلالة الإغفال أو الصمت عن الإشارة إلى شيء من ذلك في كتابات أقدم مؤرخين لهذا العهد مثل البطريق يوتيخوس».

لم يتغافل إدوارد جيبون نظرة المسلمين إلى تراث غيرهم فيقول عن خطاب عمر بن الخطاب لعمرو بحرق المكتبة «الأمر الصارم المعزو إلى عمر بن الخطاب يرفضه التاريخ الإسلامي، فكتب النصارى واليهود في نظر الشرع الإسلامي إذا ما وقعت في يد الغزاة المسلمين لا يجوز لهم إحراقها بالنار، وأما كتب أهل الأوثان في الصنائع والفنون والعلوم والتاريخ والشعر والفلسفة، فتحول إلى ما فيه فائدة المسلمين إذ يأخذون منها ما ينفعهم في أمور دنياهم».

الفيلسوف بلوتارخ فلوطرخس
الفيلسوف بلوتارخ فلوطرخس

أما الفيلسوف بلوتارخ فلوطرخس في كتاب تاريخ أباطرة وفلاسفة الأغريق فيتكلم عن حريق المكتبة على يد يوليوس قيصر فيقول «لما رأى قيصر أسطوله يقع في يد عدوه اضطر أن يدفع عن نفسه الخطر بالحريق فامتدت النار من المراسي في الميناء وأحرقت المدينة».

لوكيوس سينيكا ولوسيوس كاسيوس ديو كوكايانوس
لوكيوس سينيكا ولوسيوس كاسيوس ديو كوكايانوس

رواية فلوطرخس عن تورط يوليوس قيصر يتفق معاها اثنين من الفلاسفة هما لوكيوس سينيكا ولوسيوس كاسيوس ديو كوكايانوس، فالأخير يقول «وامتدت النيران إلى ما وراء المراسي بالميناء فقضت على أهراء القمح ومخازن الكتب وكانت هذه الكتب عظيمة القيمة وكثيرة العدد»، أما لوكيوس سينيكا فيقول «أحرقت في مدينة الإسكندرية مكتبة بها 400 ألف مجلد».

أميانوس مارسيلينوس
أميانوس مارسيلينوس

أما المؤرخ أميانوس مارسيلينوس في كتاب مصر في القرن الرابع فيقول «كانت مكاتب الإسكندرية لا تقوم بثمن واتفق الكتاب الأقدمون على أنها كانت تحوي 700 ألف كتاب بذل في جمعها البطالمة جهدًا كبيرًا ولقوا في سبياء ذلك عناءًا عظيمًا، وقد أحرقتها النيران في حرب الإسكندرية عندما غزاها يوليوس قيصر وضربها».

لماذا عمرو بن العاص بريء ؟

حريق المكتبة - رسمة
حريق المكتبة – رسمة

يتبنى المؤرخ ألفريد بتلر في كتاب فتح العرب لمصر وجهة نظر تاريخية حول براءة عمرو بن العاص من حريق مكتبة الإسكندرية، واستعمل فيها العقل أكثر من أي شيء آخر.

إقرأ أيضا
ماذا يحدث بغزة
يوحنا النقيوسي
يوحنا النقيوسي

جاء الدليل الأول على براءة عمرو بن العاص عند ألفريد بتلر، متمثلاً في أن المؤرخ يوحنا النقيوسي أقدم من وثق لدخول العرب لم يذكر تلك القصة، ويقول بتلر عن ذلك «إن إغفال حنا النقيوسي لتلك الواقعة يضعف من شأنها، وإن كان القبط في مصر لا تزال بينهم تلك القصة يتناقلونها مع بعض الخلاف فيها، إذ يجعلون مدة الإيقاد بالكتب 70 يومًا بدلاً من 6 شهور، ولعل القصة المتداولة بين القبط مأخوذة عن مؤرخي العصور الوسطى وهناك عوامل للشك تحيط بتلك القصة تجعلها غير راجحة وتجعل دلالتها غير موثوق بها».

ألفريد بتلر
ألفريد بتلر

أما الدليل الثاني فتمثل في أن مكتبة الإسكندرية لم يكن لها وجود قبل دخول العرب وإنما كان هناك مكتبات خاصة يملكها بعض آحاد الناس، وكان دليل بتلر على ذلك رحلة حنا مسكوس وصديقه صفرونيوس قبل دخول العرب لمصر، ولم يذكرا أي كلام عن مكتبة السيرابيوم (مكتبة الإسكندرية).

أما الدليل الثالث فكان أن العرب لم يدخلوا الإسكندرية إلا بعد 11 سنة من دخولهم مصر، وكانت شروط المعاهدة تقول أن للروم في مدة الهدنة حق الخروج من مصر وأن يحملوا معهم كل ما استطاعوا نقله من متاعهم وأموالهم، ولو كانت المكتبة وقت المعاهدة باقية لطمع فيها الناس، وهو مالم يحدث.

اقرأ أيضًا 
ماذا لو فشل عمرو بن العاص في فتح مصر؟!

أما الدليل الخامس فهو أن حنا فيليبونوس الذي يقول أبو الفرج أنه كان صديقًا لعمرو بن العاص، فقد مات سنة 570 م بينما عمرو بن العاص دخل الإسكندرية سنة 642 م؛ أي أنه مات قبل 72 عامًا من حدوث القصة المروية.

المراجع

  • تاريخ إضمحلال وسقوط الدولة الرومانية لـ إدوارد جيبون
  • تاريخ أباطرة وفلاسفة الأغريق لـ بلوتارخ فلوطرخس
  • مصر في القرن الرابع لـ أميانوس مارسيلينوس
  • أعلام العرب ج 91 عمرو بن العاص لـ نظمي لوقا
  • حضارة العرب لـ جوستاف لوبون
  • تاريخ المسيحية الشرقية لـ عزيز سوريال عطية
  • فتح العرب لمصر ـ ألفريد بتلر

الكاتب

  • عمرو بن العاص وحريق مكتبة الإسكندرية وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان