رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
92   مشاهدة  

“طالبه المثقفون بالاستقالة” حكاية أزمة مقال مفتي مصر عبداللطيف حمزة عن مفسدات الصوم

عبداللطيف حمزة - جمال بدوي - أحمد بهاء الدين
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أصدر الشيخ عبداللطيف حمزة وهو مفتٍ للديار المصرية 1115 فتوى مسجلة بسجلات دار الإفتاء المصرية خلال الفترة من يناير 1982م حتى وفاته في سبتمبر عام 1985م.[1]

إجابة عبداللطيف حمزة عن مفسدات الصوم التي أغضبت المثقفين

عبداللطيف حمزة
الشيخ عبداللطيف حمزة

قبل وفاة الشيخ عبداللطيف حمزة بـ 3 أشهر كان شهر رمضان لعام 1405هـ / 20 مايو – 18 يونيو 1985م؛ وكانت الصفحة الدينية بجريدة الأهرام فيها عامود اسمه قاموس الصائم، وبعد يومين من بدء شهر الصيام جاء موضوع بعنوان مفسدات الصوم.[2]

اقرأ أيضًا
عندما أدت رؤية هلال رمضان إلى خلاف بين الشعراوي ومستشار وعالم فلك

كانت الإجابة صاعقة على من قرأها، إذ أعطى الشيخ عبداللطيف عبدالغني حمزة أشياءًا تبطل الصيام غير موجودة مثل ابتلاع حصاة أو تراب، وأشياء أخرى صعبة التصور في الثمانينيات مثل بلع بُزَاق الزوجة أو الصديق، ولم تخلو الفتوى من مصطلحات غير مفهومة مثل الطين الأرمني مثل الطين الأرمني.[3]

مقال مفتي الديار المصرية عن مفسدات الصوم، الأهرام، 22 مايو 1985م
مقال مفتي الديار المصرية عن مفسدات الصوم، الأهرام، 22 مايو 1985م

غرابة الفتوى أنها منقولة من أحد كتب التراث القديمة وهو كتاب نور الإيضاح في الفقه الحنفي[4]، ومؤلفه هو الشيخ حسن بن عمار بن علي أبو الإخلاص الوفائي المصري الشُّرُنْبُلَالي وهو أحد فقهاء مصر الذي ولد عام 1585م ومات سنة 1659م، وقد نقل الشيخ عبداللطيف عبدالغني حمزة نص الفتوى من متن كتابه عام 1985م دون أن يدرك مضي 300 سنة على ذلك النص الذي لم يعد يصلح لزمنه.

من مخطوط نور الإيضاح
من مخطوط نور الإيضاح

التقط الكاتب جمال بدوي هذه الفتوى واستنكرها في مقال له قال فيه «ووجه الغرابة أن الفتوى المذكورة لا تمت إلى واقع المسلم المعاصر الذي يعيش حياة اجتماعية وحضارية تختلف تمامًا عن الحياة البدائية، وكان أحرى بهذه الفتاوى البعيدة عن الواقع والخالية من الذوق أن تخاطب جماعات بدائية متوحشة تأكل الطين الأرمني والطين غير الأرمني وتمارس اللواط وتلعق بزاق المرأة، ولم يكن من اللائق أن توجه إلى المجتمعات الإسلامية الحالية التي لا تمارس هذه الفعال البذيئة ولا تأكل اللحم نيئًا».[5]

مقال جمال بدوي، جريدة الوفد، يوم 30 مايو 85، ص7
مقال جمال بدوي، جريدة الوفد، يوم 30 مايو 85، ص7

كان مقال جمال بدوي في صحيفة الوفد وقت أن كانت صحيفة معارضة، وربما لم يكن لما نشره الشيخ عبداللطيف عبدالغني حمزة صدىً، لولا أن دخلت صحيفة الأهرام الحكومية على الخط من خلال مقال أحد أهم كُتَّابها وهو أحمد بهاء الدين.

الكاتب أحمد بهاء الدين
الكاتب أحمد بهاء الدين

ولم يصدق ما عينه وهو يقرأ مقال جمال بدوي ليرجع لأصل كلام المفتي وعلق بهاء الدين قائلاً «أبهذا النمط من التفكير يستقبل بعض علماء الإسلام وفي أعلى المناصب القرن الخامس عشر للهجرة ؟!، هل هذا هو النط الذي يُرَاد منه أن يفتي لنا في تقنين الشريعة الإسلامية ؟ .. لا حول ولا قوة إلا بالله».[6]

مقال أحمد بهاء الدين، الأهرام، يوم 2 يونيو 1985م، ص20
مقال أحمد بهاء الدين، الأهرام، يوم 2 يونيو 1985م، ص20

بعد مقال أحمد بهاء الدين في الأهرام شن المثقفون هجومًا عنيفًا على مفتي الديار المصرية وتردد أنه سيصدر بيانًا توضيحيًا حول تلك الفتوى، لكن ذلك لم يحدث وهو الشيء الذي استفز أحمد بهاء الدين ودعاه لتقديم استقالته قائلاً «ما صدر عن منصب المفتي الكبير الذي يجب أن يظل له جلاله واحترامه قد أساء إلى هذه الصورة الجليلة في الأذهان وأساء إلى صورة الإسلام الصحيح، وكيف يطمئن الناس بعد ذلك إلى ما يصدر عن هذا المنصب الكبير في شتاء مجالات حياتهم وأحيانًا رقابهم في حالات إلى الأوراق إلى المفتي، إنه لو استقال سيضع سابقة كريمة يجنب منصبه حرجًا شديدًا أوقع فيه مؤسسة الإفتاء كلها ويسترد حريته في الدفاع عن آراءه كما يشاء، أم أن الاستقالة عندنا ما زالت تعتبر من تصرفات الحمقى فقط؟».[7]

إقرأ أيضا
زنوبيا
مقال أحمد بهاء الدين، الأهرام، يوم 16 يونيو 1985م، ص18
مقال أحمد بهاء الدين، الأهرام، يوم 16 يونيو 1985م، ص18

لم تحدث الاستقالة ودخل الشيخ عبداللطيف حمزة في وعكة صحية خلال شهر سبتمبر أدت إلى إدخاله غرفة العناية المركزة بالمركي الطبي في مستشفى المقاولون العرب حيث كان يعالج من حالة انسداد بالأمعاء وانخفاض في ضغط الدم، وتقرر إجراء عملية استئصال البروستاتا حتى تتحسن حالته[8]، لكن في 16 سبتمبر 1985م رحل عن عالمنا وشيعت جنازته في عصر اليوم التالي للوفاة بقريته البريجات بمركز كوم حمادة محافظة البحيرة ودفن في مقابر الأسرة وكانت عائلته قد اعتذرت عن عدم تشييع الجنازة في القاهرة قبل نقل الجثمان للقرية طبقًا لوصيته.[9]


[1]  ترجمة الشيخ عبد اللطيف عبد الغني حمزة، موقع إعداد المفتين عن بُعْد التابع لدار الإفتاء المصرية
[2]  عبداللطيف حمزة، قاموس الصائم ـ مفسدات الصوم، جريدة الأهرام، عدد 22 مايو 1985م، ص12.
[3]  الطين الأرمني هو طين معروف عند العطارين ويستخدم في الدواء؛ انظر :-
محي الدين عبدالحميد، سبيل الفلاح في شرح نور الإيضاح، ط/1، دار البيروتي للطباعة والنشر، دمشق «د.ت»، هامش 1، ص200.
[4]  الشَرْنَبُلَالي، متن نور الإيضاح في الفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، ط/1، مطبعة محمد علي صبيح وأولاده، القاهرة، 1348هـ / 1930م، ص ص72–73.
[5]  جمال بدوي، مفتي الجمهورية والطين الأرمني، جريدة الوفد، عدد 30 مايو 1985م، ص7.
[6]  أحمد بهاء الدين، يوميات .. رمضانيات، جريدة الأهرام، عدد 2 يونيو 1985م، ص20.
[7]  أحمد بهاء الدين، المرجع السابق، يوم 16 يونيو 1985م، ص18.
[8]  محرر، تحسن صحة المفتي وتأجيل إجراء العملية له، جريدة الأهرام، عدد 17 سبتمبر 1985م، ص8.
[9]  محرر، جنازة المفتي شُيَّعَت أمس بقريته، جريدة الجمهورية،عدد 18 سبتمبر 1985م، ص1.

الكاتب

  • عبداللطيف حمزة وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان