رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
184   مشاهدة  

ملف بليغ حمدي (1) : النقلة الموسيقية الثانية

بليغ حمدي
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



هل ظلم الشاعر كامل الشناوي الملحن بليغ حمدي عندما وصفه بـ “أمل الموسيقى في مصر” وهل ورطه صديقه عبد الحليم حافظ عندما قدمه بنفس الوصف في أحدى الحفلات، وهل كان هذا الوصف بمثابة طوق كبل عنق بليغ وأثقل كاهله طيلة مسيرته الفنية ولم يتخلص منه حتى بعد رحيله.

يصف البعض بليغ حمدي بأنه صاحب النقلة الثانية المهمة في تاريخ الموسيقى المصرية بعد خالد الذكر سيد درويش، يمتلك شعبية جماهيرية ضخمة لم ينالها ملحن “لا يحترف الغناء” لا قبله ولا بعده، أكثر ملحن تجد له صفحات و مجموعات على مواقع التواصل الإجتماعي تصفه إحداها بأنه موسيقار الأجيال الحقيقي، تحقق ألحانه أرقامًا ضخمًا في المشاهدات وفي الاستماع على منصات تحميل الموسيقى.

لكن هل كان بليغ على قدر تلك الاّمال والتطلعات؟ وهل بثت ألحانه روحًا جديدة غيرت في شكل الأغنية المصرية؟ وهل غزارة إنتاجه وشهرة معظم ألحانه صبغت تجربته بطابع تجاري شعبي؟ وهل قدم جديدًا بالفعل أم كان امتدادًا لمدارس تلحينية سبقته؟ والأهم من كل ذلك هل كل ملحن موهوب بالضرورة يمكن أن نطلق عليه صاحب نقلة موسيقية؟ كل تلك التساؤلات نطرحها للنقاش لنعرف موقع بليغ حمدي الحقيقي من الموسيقى العربية.

عصور ما قبل بليغ حمدي.

ظهر بليغ حمدي الملحن أواخر خمسينيات القرن الماضي حيث كانت الموسيقى المصرية قد استقر بنائها الشاهق على يد المؤسسين الكبار، وصل “محمد القصبجي” بالمونولوج العاطفي إلى أقصى مراحل تطوره في “رق الحبيب” لـ أم كلثوم “يا طيور” لـ اّسمهان، واصل “محمد عبد الوهاب” فتوحاته في الأغنية السينمائية حتى وصل إلى أقصى مراحل تطورها مع عبد الحليم حافظ في أفلام “بنات اليوم،أيام وليالي”،وضع الشيخ زكريا أحمد اللبنة الأولى في شكل الأغنية المسرحية الطويلة التي جمعت بين قالبي “الطقطوقة والمونولوج العاطفي” حتى وصلت إلى ذروة تطورها على يد “رياض السنباطي” الذي قطع شوطًا عظيمًا في تلحين القصائد، حقق الثنائي “محمود الشريف، عبد العظيم عبد الحق” نجاحات ضخمة في لون الغناء الشعبي مع أصوات مثل “محمد عبد المطلب، عبد الغني السيد، سعاد مكاوي” يمتزج في نسيجها اللحني الفلكلور المصري، أما الثنائي “محمد فوزي، منير مراد” قادا قطار التطوير في شكل الأغنية المصرية في محاولة دمجها في قوالب غربية عصرية بجمل لحنية بسيطة تحمل عمقًا وفهمًا للموسيقى الشرقية والغربية معًا، أما الجيل الأقرب سنًا إلى بليغ “كمال الطويل، محمد الموجي” فقد صاغا مشروع عبد الحليم حافظ نجم عصر الميكروفون المعتمد على التعبير أكثر من التطريب المزخرف المبالغ فيه.

إذن ماذا تبقى أمام بليغ حمدي كي ينجزه وسط كل هذا الزخم الفني واستقرار قوالب الأغنية المصرية في فترة لم تكن تعاني من أي تدهور أو تكلس في خطابها الغنائي بل كانت في عصرها الذهبي ولم يكن هناك حاجة ملحة إلى مخاض فني جديد، مهمة بليغ شاقة في إيجاد مساحة في وجود كل هؤلاء الرواد، فهل كان لزامًا عليه البحث عن شكل جديد يمنحه ريادة فنية ويقود الأغنية المصرية إلى أراضي جديدة لم يطأها ملحن قبله، ويعلن عن ميلاد موجة جديدة من الغناء المصري تكفل له الحق في لقب صاحب النقلة الموسيقية الثانية وبالتالي تجنب الدخول في مقارنات مع من سبقوه فهل تكفيه الموهبة وحدها كي يخوض غمار تلك المعارك الفنية الصعبة؟

جديد عمرو دياب : مكانك .. إخضاع سوق الغناء لأفكاره الخاصة

مطرب أم مزيكاتي.

في طفولته سئل بليغ حمدي عن ماذا يتمنى أن يكون في المستقبل؟ لم يفكر كثيرًا وأجاب “مزيكاتي” تلك الإجابة العفوية تكشف الخط الذي أراده لنفسه منذ نعومة أظافره، أهمل دراسته في كليه الحقوق مفضلًا أن يدرس الموسيقى بشكل حر في معهد فؤاد الأول حتى أتقن كتابة النوتة الموسيقية وتقدم لاختبارات الإذاعة المصرية في أغنية من ألحانه فمنحته اللجنة إجازة كمطرب وليس ملحن!

كانت نية بليغ الدخول إلى الإذاعة المصرية بغرض أن يضع قدمًا على الطريق الذي يمهد له الدخول إلى بوابة احتراف التلحين،حاول “محمد حسن الشجاعي” مستشار الإذاعة حينها إقناعه باحتراف الغناء لكنه رفض الأمر تمامًا، هذا الرفض ليس لأن صوته لم يكن لائقًا لكنه كان نابعًا من اعتداده بكونه يرى نفسه ملحنًا ومؤلفًا موسيقيًا وأن الغناء سيجبره على الإلتزام بمواعيد واستحضار المشاعر المختلفة في أي وقت وهي أمور ضد طبيعة شخصيته الفوضوية والمتمردة.

إقرأ أيضا
ماياك

على الرغم من ذلك بدأ بليغ مسيرته مطربًا في فرقة “ساعة لقلبك” حيث غنى تتر البرنامج الشهير وبالطبع لم يكمل المشوار مع الفرقة لخلافه مع “يوسف عوف” أحد مؤسسي البرنامج بسبب تأخره الدائم عن حفلات الفرقة التي كانت تبث حفلاتها على الهواء خارج الإذاعة من عدة مسارح مختلفة.

YouTube player

 داخل ركن الهواء في الإذاعة احتك بليغ بالعديد من الملحنين مثل “عبد العظيم عبد الحق، رؤوف ذهني، فؤاد حلمي” والأخير نصحه بترك الغناء والتركيز على التلحين، بدأت محاولاته في التلحين مع صديقته في الجامعة “فايدة كامل” حيث قدم لها لحني “ليه فاتني، ليه لاء” ثم تعاون مع المطربة “فايزة أحمد” في أغنية “ماتحبنيش بالشكل ده” حتى أتت أغنية “تخونوه” التى كانت معدة للمطربة الكبيرة ليلى مراد و اقتنصها عبد الحليم حافظ لتعلن عن شهادة ميلاده كملحن.

YouTube player

في أغنية “تخونوه” نلمح قدرات تلحينية فذة في التعبير عن كلمات الأغنية الدرامية بشكل لفت الأنظار إليه، تلك الأغنية كانت بوابة المرور نحو عالم “عبد الحليم حافظ” فدخل في زمرة ملحنيه سريعًا حيث قدم له “خايف مرة أحب، خسارة” وبدأت اسمه يلمع كملحن ثم التقى بالموسيقار محمد فوزي الذي منحه رعاية فنية خاصة وفتح له استوديوهات شركة “مصر فون” ليسجل فيها ألحانه وقتما يشاء ثم بدأت مسيرته تأخذ منحى آخر مهمًا عندما عرفه فوزي على السيدة أم كلثوم وهو اللقاء الذي سيغير مجرى حياة بليغ حمدي.

YouTube player

الكاتب

  • بليغ حمدي محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان