رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
260   مشاهدة  

النيشان العثماني وتيودور هرتزل .. لماذا تم تكريم الصهيوني من السلطان عبدالحميد الثاني؟

النيشان العثماني وتيودور هرتزل
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



يعطي تأمل بدايات نشأة الكيان الصهيوني حيرةً في ثنائية النيشان العثماني وتيودور هرتزل المُنَظِّر الأكبر للصهيونية، وعلاقته بالسلطان العثماني عبدالحميد الثاني.

النيشان العثماني وتيودور هرتزل .. لماذا حدث التكريم السلطاني للصهيوني ؟

النيشان العثماني وتيودور هرتزل
عبدالحميد الثاني وتيودور هرتزل

استلم تيودور هرتزل براءة الوسام العثماني الذي منحه السلطان عبدالحميد الثاني له في عام 1896م، وكتب تيودور هرتزل في 22 أكتوبر 1896م رسالة شكر لعبدالحميد الثاني قال له فيها «حينما يسر جلالتكم أن تقبلوا خدمات اليهود سيسعدهم أن يضعوا قواهم تحت تصرف ملكٍ عظيم».(1)

لم ينفي مؤيدي الدولة العثمانية تلك المسألة لدرجة أن وكالة الأناضول خصصت تحقيقيًا في ذلك لتبرير المسألة وذكرت أن عبدالحميد الثاني لم يمنحه الوسام من تلقاء نفسه وإنما هرتزل هو من طلب ذلك وقالت الوكالة «الواقعة ثابتة لكن تم اجتزاؤها من سياقها وظرفها التاريخي للإيهام بأن عبدالحميد مالأ الصهاينة وفرط في فلسطين، فقد كان دافع السلطان في أن يمنحه الوسام هو الاستفادة منه في إقناع الأرمن بالكف عن الثورة على السلطان وهو الأمر الذي أقحم هرتزل نفسه فيه طمعًا في أن يؤثر هذا على مواقف السلطان المتشددة تجاه الاستيطان اليهودي في فلسطين».(2)

عبدالحميد الثاني
عبدالحميد الثاني

ترتكن وكالة الأناضول في تقريرها عن مسألة أن هرتزل هو من طلب الوسام وليس المنح بفكرةٍ من السلطان عبدالحميد الثاني لما جاء كتبه الدكتور عبدالعزيز الشناوي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر، نقلاً عن الدكتور أحمد طربين في دراسته عن الخطط الصهيونية في فلسطين حيث قال «هرتزل خاطب السلطان قائلاً: إذا رفض السلطان أن يستقبلني، فليعطني على الأقل دليلاً مرئيًا على أنه بعد أن استمع إلى اقتراحي ورفضه، فإنه لا يزال يريد أن يبقي على نوع العلاقة بيننا: مثلًا وسامًا من رتبة عالية يبرهن على ذلك، إني لم أهتم يومًا بالأوسمة، ولا أهتم بها الآن، ولكني أريد شاهدًا أمام من أتعامل معهم في لندن أنني حزت قبولاً لدى السلطان».(3)

لكن تبرير وكالة الأناضول والذي صار مادةً أساسيةً لكافة مؤيدي الدولة العثمانية يفتقد إلى الأمانة التاريخية في ذكر قصة العلاقة السياسية بين السلطان عبدالحميد الثاني وهرتزل.

تيودور هرتزل
تيودور هرتزل

فالجانب الصحيح من تبرير الأناضول هو دور تيودور هرتزل الإعلامي لصالح الدولة العثمانية في العموم، إذ قام هرتزل من خلال جريدته جديد الصحافة الحرة بنشر المراسلات والأنباء التي في مصلحة حكومة السلطان العثماني وكرس الصحافة اليهودية بعموميتها في أوروبا لمصلحة الدولة العثمانية بعد أن كانت صحف أوروبا تسخر من السلطان بسبب الأرمن وبدء قتلهم.(4)

كاريكاتير ساخر من السلطان عبدالحميد
كاريكاتير ساخر من السلطان عبدالحميد

لكن الجانب الذي أغفلته وكالة الأناضول هو تطور العلاقة إلى شكلٍ اقتصادي يكشف مدى ضعف الدولة العثمانية، ولم ينفي أحد من مؤرخي الدولة العثمانية ذلك رغم أن هرتزل كان قد ذكرها في مذكراته، إذ كان يسعى لحل ديون الدولة العثمانية في مقابل التوطين في فلسطين.

اقرأ أيضًا
عبدالحميد الثاني والأرمن .. قصة الدم بعيدًا عن الهبد والهوى

من هنا يظهر أمرين، أولهما رأي هرتزل في السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، والثاني موقف السلطان عبدالحميد من أغراض هرتزل.

يمكن أن نرى رأي هرتزل الحقيقي في عبدالحميد الثاني من خلال يومياته التي كتبها، ففي ص1092 من مذكراته [بالنسخة الانجليزية] قال «ست مرات اضطرني للذهاب قبل أن يوافق، إنه أحمق كبير ولص، وآخر أخباره أنه صادر البريد الأوروبي كله، يعتقد أنهم لن يعلنوا عليه عليه من أجل ذلك».(5)

إقرأ أيضا
وبينا معاد

وفي ص 1127 من مذكراته [بالنسخة الإنجليزية] قال «انطباعي عن السلطان أنه رجل ضعيف وجبان ولكنه طيب القلب، لا أعتبره داهية ولا صارمًا، بل سجينًا تعيسًا ترتكب بطانة طماعة رديئة سيئة السمعة باسمه أقبح رجس. ولو لم تكن الحركة الصهيونية بعهدتي لكنت ذهبت وكتبت مقالاً حررت به السجين المسكين، إن عبدالحميد اسم جماعي لمجموعة من أحط الخبائب، باسم تقترف الأفعال وتعلق جميع الفظائع والحقيقة أن المجرمين يحيطون بالعرش لكنه المسؤول أيضًا».(6)

أما فيما يتعلق بأمر موقف السلطان عبدالحميد الثاني من فلسطين فهو كان رافض للوجود الصهيوني ولكل مقترحات هرتزل وعرض عليه بدائل أخرى في أي ولاية من ولايات الدولة العثمانية، لكن رغم ذلك الرفض إلا أنه لم ينفذ لأن إجراءات عبدالحميد الثاني كانت رخوة وغير فعالة وأدت لوجود صهيوني؛ وتلك قصةً أخرى تقرأونها تفصيلاً في تقرير

عبدالحميد الثاني .. المؤسس الحقيقي لدولة إسرائيل “حقيقة أم كذبة؟”


(1)  أنيس صايغ، يوميات هرتزل، ترجمة: هلدا شعبان صايغ، ط/1، مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، 1968م، ص ص45–46.
(2)  إحسان الفقيه، لماذا قلّد السلطانُ عبد الحميد مؤسسَ الصهيونية وسامًا؟ (إضاءات عثمانية)، وكالة الأناضول، 16 يوليو 2020م
(3)  عبدالعزيز محمد الشناوي، الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها، ج2، ط/1، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 2004م، ص ص247–248.
(4)  حسان علي حلاق، موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية 1897م – 1909م، ط/1، جامعة بيروت العربية، لبنان، 1978م، ص126.
(5)  أنيس صايغ، يوميات هرتزل، ترجمة: هلدا شعبان صايغ، ص172.
(6)  المرجع السابق، ص ص178–179.

الكاتب

  • النيشان العثماني وتيودور هرتزل وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان