رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
99   مشاهدة  

بلسم عبد الملك.. ريفية ناهضت فكر طه حسين عن المعلمات المصريات

بلسم عبد الملك
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



لم تكن المرأة المصرية مهمشة سوى في عصور الظلام التي لحقت بالوطن، فهي الملكة التي تقلدت حكم البلاد و نهضت بها والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها على سبيل المثال حتشبسوت، و تاوسرت ، كليوباترا ، شجرة الدر، وأخريات. المرأة المصرية عالمة تقلدت سُدت التكريمات قاريًا وعالميًا أمثال سميرة موسى وإلهام فضالي ، المرأة المصرية مثقفة و مفكرة أمثال عائشة عبد الرحمن، درية شفيق وغيرهن. المرأة المصرية ثائرة حرة والنماذج كثيرة لا نستطيع حصرها، كلا منهن ثارت وحملت سلاحها حسب الظروف التي يقتضيها العصر، ومن بينهن الثائرة الريفية بلسم عبد الملك.

مناضلة ثورية بطريقة خاصة

إبان ثورة 1919م انطلقت صيحات المصريين تطالب بالحرية واستقلال الوطن المنتهك إثر التدخلات الأجنبية، وكانت المرأة حاضرة تقدن المظاهرات تهتفن للكرامة والحرية. وفي تلك الفترة كان نمو الوعي القومي والسياسي والاجتماعي لدى المرأة المصرية في أوج ازدهارها بفضل رائدات مصر وبفضل الدعم الشعبي لتحرر المرأة المصرية من قيود التخلف التي فرضها العثمانيون ومن بعدهم على المرأة.

كانت من بين الثائرات المناضلات سيدة تدعى “بلسم عبد الملك” فقد كانت امتدادًا حقيقيًا للحالة المجتمعية التي أعقبت ثورة 1919م فقدمت نضالها ونشاطها الوطني في صورة إصدار مجلة تسمى ” المرأة المصرية” لتكون منبرًا إعلاميًا لدعوتها المتمثلة في تعليم الفتاة وشق طريقها للعمل خارج نطاق المنزل وفي نفس الوقت الاعتناء ببيتها وتربية أجيال مثقفة بعيدة عن الظلام الدامس.

ريفية ثائرة

إذا قولنا أن هناك امرأة ثائرة تبحث عن حريتها في العاصمة أو كبرى مدن المحروسة  يظل أمرًا مقبولًا في تلك الفترة من عمر الوطن أمّا إذا كانت من عمق الأقاليم فنعلم أنها عانت معناة شديدة حتى تصل إلى لما تريد، لذلك فإن “بلسم عبد الملك” قد لاقت ما لاقت كونها من طنطا إحدى مدن الغربية المعروفة بسمتها الريفي.

ولدت “بلسم عبد الملك”  في طنطا، وتلقت علومها  في مدارس الإرساليات الكاثوليكية، حتى أتقنت الفرنسية والعربية، واشتغلت بالتربية والتعليم.

شاركت في النهضة النسائية حيث كانت من أوائل المصريات اللاتي طالبن بالاستقلال فأسهمت في ثورة سنة ۱۹۱۹، و خطبت في الأزهر والمساجد والكنائس والشوارع، وكانت إحدى الكاتبات ذات المنهج الواضح، والأسلوب الصريح في معالجة مشاكل المجتمع العربي.

تحدث عن  منهجها وعن نظرتها للمرأة الشرقية الدكتور ” إسماعيل إبراهيم” في كتابه “صحفيات ثائرات فيقول : ” أن” بلسم” كانت ترى أن المرأة الشرقية أوفى نساء العالم قلبًا، وأطهر ضميرً،  و أنقاهن سريرة، لم يكن يوماً من الأيام حائلاً بينها وبين المشاركة في مجتمعها.

ومن صفات المرأة الشرقية كما تقول ” بلسم” :”الشهامة، وحب المخاطرة والصبر على المكاره وتحمل القسط الأوفى من التضحية عندما كانت تدعوها الفكرة إلى ذلك”.

حجاب المرأة والعقل

يمثل الحجاب في البلدان المشرقية أزمة من اللأشيء، بل إن العفة ارتبطت بالحجاب في أوقات كثيرة، ومازالت تلك الأزمة حتى وقتنا هذا تمثل أزمة إذا ما تحدثنا عن حرية المرأة وتعليمها وعملها، وقد فطنت” بلسم” لتلك الأزمة مبكرًا حتى إن الدكتور ” إسماعيل إبراهيم” قد أورد جزءً من مقال لها في كتابه ومنه:”  إن الحجاب في بعض الأقطار الشرقية قد ألزم المرأة شيئًا من الجمود، و ضرب بينها وبين العلم والنور حجابًا كثيفًا مظلمًا، ينسبون إليه تأخرها عن شقيقتها الغربية، بل إننا لا نكاد نفقه هذه النظرة السخيفة، ولا نكاد نعلم من أمر الحجاب أكثر من أنه نطاق ضرب حول وجه المرأة وجسدها، وليس له أدنى اتصال بعقلها و ذهنها ولا بأي تأثير له على قواها الفكرية و مواهبها الغريزية، ولاشك أن المرأة الشرقية في أشد الافتقار لمجاراة شقيقتها الغربية في انتهال موارد العلم الصحيح، والانكباب على تحصيل ما هو نافع ومفيد من العلوم التي تؤهلها لخوض غمار الحياة العملية بطريقة جديدة، كما أنها في أشد الحاجة لمجاراتها في خوض غمار الشئون العامة التي تهم المجتمع، ويحتاج إلى إصلاح جدى، وتحتاج إلى تعاون الجنسين على العمل والإنتاج”.

مجلة المرأة المصرية

أصدرت ” بلسم عبد الملك” مجلة المرأة المصرية، وكانت بمثابة مدرسة للمرأة المصرية، وهذا هو هدف ” بلسم” الحقيقي، و تأكيدًا على هذه الفكرة ذكرت في العدد الأول من المجلة الصادر في يناير 1920 م أنها لمست حاجة الفتاة المصرية للعلم والتربية، كما ذكرت أنها وجدت فراغًا كبيرًا في عالم الأدب، لا يملأه غير وجود مجلة نسائية مصرية، تكون ميدانًا تتسابق فيه أفلام ربات الخدور من المصريات.

كانت مجلة،”المرأة المصرية” مجلة شهرية أدبية علمية نسائية، حمل غلاف عددها الأول صورة لأميرة فرعونية، كدليل على أن المرأة المصرية ماهي إلا أميرة فتقول : إن المجلة تأتي برسم الأميرة المصرية نفرت ، لأنها سوف تكون مجلة تعبر عن المرأة المصرية الصحيحة بعد أن نهضت المصرية لتأخذ بيد القابعات في ظلام الجهل، وسوف يكون هذا الرسم في صدر كل عدد إن شاء الله، دلالة على أنها مصرية بحتة تقوم بخدمة المرأة التي نهضت في هذه الأيام الأخيرة عاملة في سبيل ترقية مجلة نسائية مصرية”.

غلاف مجلة المرأة المصرية
غلاف مجلة المرأة المصرية

الاهتمام بالمرأة الريفية

إقرأ أيضا
علي الكسار

كما ذكرنا في بداية التقرير وقولنا إن ” بلسم” نشأت وتلقت علومها في طنطا حيث تطغى البيئة الريفية حتى لو كانت من أهل المدينة، لذلك نجد أن مجلتها نشرت العديد من المقالات لفاطمة حسن تحت عنوان صاحبة الريفيات وأوضحت في المقال الفرق بين المرأة الريفية والحضري، وهذا جزء من مقالها الذي أورده” إسماعيل” في كتابه، وقد كُتب بطريقة رشيقة سهله يصل معانيها إلى عقول القُراء فقالت فيه : المرأة الريفية مثال العمل والنشاط، بينما أختها في المدينة جاعلة همها في الزينة واقتناء فاتر الثياب و ثمين الحلي والتلذذ بالمأكل والمشرب والتنعم باقتناء فاخر الرياش والأثاث، وترك الزوج يجتهد ويجد لإشباع أطماعها ومطالبها التي لا نهاية لها، بدون أن تمد له يد المساعدة، وتعينه على أمر يسعى لإنجازه…

أما الريفية فهي تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب فلا تكتفي بتأدية شئونها المنزلية الكثيرة، ولا بما تقاسيه من شظف العيش وخشونته، وإنما تساعده في حقله أيضًا فتراها في بعض الأحيان تدير معه الطنبور . وقد تجد الفضيلة أكثر شيوعاً في الريف عنها في المدن، لأن الحياة العملية التي تعيشها المرأة الريفية تشغلها عن النظر إلى سفاسف الأمور، وعن اللهو والفتنة، كما شغلت الرجل أيضا عن النظر إلى ما يفسد عليه أخلاقه وحياته، فلو أن سكان المدن وجدوا للمرأة عملاً نافعاً؛ لتغير حال الأمة.”.

استمرت “بلسم” في نشر الوعي والعلم و الإرشاد والتنوير بطرق عدة عن طريق مجلتها فعلى سبيل المثال قدمت موضوعات تاريخية تحكي عن البطولات النسائية و دورهن في تاريخ الوطن ، ولها مواقف نضالية للدفاع عن بنات جنسها ومنها أيضًا موقفها من طه حسين الذي رأى أن المعلمة الأجنبية أفضل من الوطنية وعلى هذا قامت ثائرة ووجهت كلمات قاسية لـ”طه حسين “فقالت : إن طه حسين فعل ذلك لهوى في نفسه، لأنه لم ير المصريات إلا عن طريق زوجته الأجنبية”.

معركتها ضد طه حسين

واستمرت في معركتها ضد طه حسين حتى قرر وزير المعارف حينذاك” أحمد أبو السعود”، باستبدال الأجنبيات بالمصريات الوطنيات، وتأكيدا لقرارها  ورأيها فقد ذكرت العديد من المعلمات ذوات البصيرة والعلم أمثال : نبوية موسى، ونور الهدى عبد الله، وماتيلدا عوض، ونور حسن،  وملك حفني ناصف، وفردوس علومي وغيرهن.

بلسم عبد الملك نموذجًا من تاريخ بلادنا الحديث أصرت على قضيتها وقدمت لها الجهد والوقت حتى تنمو وتزدهر، قصة ” بلسم” نموذجًا للفتاة المعاصرة التي تركن عن طلب الحرية والكرامة، التي تكتفي بقليل العلوم وترى نفسها أقل من أي امرأة في العالم، وهذا عن تقصير منا في حق رائداتنا المناضلات لذا كان لازمًا علينا تعريفها و سرد قصتها.

الكاتب

  • بلسم عبد الملك مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان